دعوة الصيادَين وعائليتهما إلى البيت الجديد -- الجزء السادس من الفصل الاول من القصة الاولى

دعوة الصيادَين وعائليتهما إلى البيت الجديد

في اليوم التالي دعا ”ورد” و”المحارب” الصيادَين وعائلاتيهما لزيارتهما في بيتهم الجديد وتمضية يومهم معهما. وهكذا كان وأتى المدعوون ومن جاء معهم من أصدقاء لهم وجيران  وكان فيهم النساء والأولاد وتفرجوا على الحدائق والبيت وأثاثه وما فيه من عجائب وأغراض ثمينة وزاروا بيت الحصانَين "عمران" و"أركان" وكانت دهشتهم عظيمة وفرحتهم أعظم.

 

إستقبل النساء والأطفال عند وصولهم إلى البيت تلبية لدعوة مضيفَيهما غلمان وجوههم لا أجمل ولسانهم بترحيبه ولا أفصح وصوتهم عند ترحيبهم وكأنه غناء وتغريد وساروا معهم يدلُّوهم إلى مجلسهم ويطلبوا منهم إعلامهم بما يرغبون في شربه ويجلبونه لهم دون تأخير؛ أما الرجال فاستقبلتهم ثُلَّة من حور العيون ، صبايا جمالهم لا يُقَدّر ولا يوصف، فهم أحلى الإناث وأكثرهم حنُوًا ، وأخذوا بأيدي الضيوف إلى مجلسهم ولم يُفَصٍّروا في خدمتهم.

 

ولما مُدًّت الموائد وفيها من الطيبات أشكال وأصناف تعجبوا مما شاهدوا وأُعجبوا بمذاقها  وكان أكثر المأكولات مما لم يروه ولم يسمعوا به قبلاً. أكلوا وشربوا والغلمان وحور العيون يخدموهم ويشرحون لهم عن بعض أصناف  المأكولات الغريبة عليهم ، فكان أن أكثروا من الأكل والطيبات من الحلويات على أصنافها والفاكهة فكانت المناسبة سببا لإكتفاء لم يشعروا به في ما سبق،  وشكروا المضيفين كثيرا وبقوا في ضيافتهم إلى ما قبل غروب الشمس واستأذنوا عندها بالذهاب فأذنوا لهم  وحمَّلهم المضيفان الكثير من الطعام والحلويات فتركوا بعد السلام شاكرين.

 

وكان”ورد” و”المحارب” دعوا لهذه الوليمة قبل ذهابهم إلى بيت كبير الشرطة. ولما ترك الناس المكان تفرقوا ، وعاد البعض إلى منازلهم والبعض الآخر إلى أصدقاء يزورونهم ويخبرونهم بما حدث مما أثار فيهم الإعجاب والبعض الآخر نزل إلى المدينة متحدثاً عن الوليمة العجيبة الغريبة وأخبارها.  وهذا يقع تماما في صلب خطط”ورد” و”المحارب”. فالشعر والبيت العجيب والوليمة الغريبة التي لا مثيل لها كلها تجمّعت لتكون مدار كلام و سؤال وجواب. ولم يبق في جعبتهما لتكمل الخطة حبكتها إلا واحدة،  وتأتي في سياق ما سمعتُ في حلمي من ”المحارب” وسأسردها عندما يحين موعدها.

 

وما إن طلعت شمس اليوم التالي حتى كانت المدينة ، وربما أبعد منها أيضا ، قد ضجّت بما إستجد من أخبار. بيت عجيب غريب تحيط به حدائق من أجمل ما شاهدوا وأعجب مما سمعوا في أحلامهم والأساطير، وبيت بنوه في ليلة واحدة ، وحفلة في هذا البيت تحتاج إلى تحضير طويل دُعي إليها الكثير وكان المضيفان  تهيئآ لأستقبالهم والسهر على راحتهم وخدمتهم. وكان الغلمان والصبايا قد أضافوا الكثير من المتعة وعندما ترك الضيوف المنزل حملوا معهم إلى بيوتهم الكثير مما أكلوا وشربوا. ومع أن البعض صدَّق ما روي فإن فضول البعض الآخر قادهم إلى البيت ليتأكدوا مما سمعوا ، وما رأوه كان بالفعل عجيبا لم يخطر على بال أي منهم واستقبلهم المضيفان إستقبالا يليق بالملوك وأكرموهم.

 

وهكذا إنتشر الخبر وصحَّ رهانهم على صدق خططتهم وفرحوا لذلك وقرروا الإستمرار فيما خططوا.

 

سمع كبير الشرطة وكثير من التجار والعاملين عندهم سمعوا أيضا،  وبالفعل إنصرف الناس عن البيع والشراء لمعرفة ما وقع في الأمس من أخبار عن قصة هي إن صَحَّت كانت من عجائب الدنيا وغرائب أخبارها والكل حزم أمره على معرفة الحقيقة وذهبوا وحدانا وزرافات إلى الموقع الذي كان حتى الأمس أرضا حفراء نقراء لا يريدها أحد ليجدوا ما وجد غيرهم من سوار الياسمين حول مزرعة أشجار وزهور  وراءها بيت جميل وخدم وحشم وحصانين يرعَيان لم يروا لمثلهما شبيها ومن دخل الى الحديقة رُحِّب به ومن لم يدخل سمع من الذين دخلوا الشيء الكثير.

 

حفلة كبير الشرطة

عندما دنا وقت حفل كبير الشرطة إمتطى ”ورد” و”المحارب” كل جواده ومعهما الكثير من الهدايا ليقدماها له عرفاناً بجميل دعوته لهما رغم أنهما غريبان لا يعرفهما أحد في الجزيرة إلا الصيادَين اللذين أسعفوهما. وهكذا دخلوا دار المضيف وهم يلبسون الثياب الفاخرة ويحملون الهدايا الثمينة فرحَّب بهما صاحبها وصُدِم لما رآهما بالثياب الفاخرة  وأخذ الهدايا منهما مما لم يرَ مثلها سابقا، من جواهر ثمينة ألوانها تأخذ الألباب ورآها من كان من المدعوين الذين وصلوا الدار قبلهما وأُعجبوا بما رأوا.

 

وبدأ الإحتفال بأن فُرشت الموائد وعليها طعاما شهيا و عرَّف المضيف ضيوفه بالغريبين المدعوَين. كانت الجلسة لطيفة والحديث فيها شَيٍّق وسأل البعض عن قصة وصول "ورد" و"المحارب" إلى الجزيرة فكررا ما قالاه للصيادَين ولغيرهما ممن سأل قبل هذا الإجتماع الأخير. لم يسأل أحدٌ عن الدار الجديدة وكأن المدعوين متفقين على تأخير السؤال لأنهم، على ما أظن، لم تكن عندهم الأسئلة المناسبة ولكن بعضهم رغب في زيارة الدار فرحب”ورد” و”المحارب” بهم وقبل نهاية الإحتفال دعاهما جميعا لحفل يقيمانه لهم بعد وقت وبعد أن يكون البيت قد تم فرشه وتهيئته لإستقبالهم. وهكذا كان ورحب المدعوون كلهم بهذه الدعوة وقبلوها ووعدوا بالقيام بها في اليوم الذي حدده الداعي. وهكذا إنتهى الإحتفال بالتي هي أحسن وقد تعرفا على عدد لا بأس به كبار القوم.

 

لا  ننسى أن“المحارب” ورغم إنشغاله مع”ورد” في الشؤون التي سردنا تفاصيلها ، كان يقوم وباستمرار ودون تلكؤ بمراقبة”الأميرة" ياسمين قصد حمايتها وأيضا معرفة الأماكن التي تزور والأشخاص الذين تجتمع بهم وإذا ما كان هناك جدول زمني تتَبِعُه وتلتزم به أم كانت كل طلعاتها من قصر أبويها عشوائية لا مقصد لها عدا قيامها بالتعرف إلى حاجات مواطنيها وإزالة  أية حواجز نفسية كانت أو مالية تعترض حياتهم. ولم يخبرني”المحارب” عندما كان يزورني في أحلامي عما إستنتج ولكن سنتعرف الى ذلك في الوقت المناسب.

 

لم تمُرّ الأيام حتى تَعرَّض وحش أسود كبير للأميرة وهي تتنزه على صهوة جوادها فقاومته

وصدف أن مرَّ "ورد" و"المحارب" وفي تلك اللحظة بمكان ظهور الوحش

وكان ما كان مما يُقرأ في الجزء التالي وهو جزءٌ بالغ الأهمية قي مجرى الأمور