كتاب القدر

*3* 1 - باب كيفية الخلق الآدمي، في بطن أمه، وكتابة رزقه وأجله وعمله، وشقاوته وسعادته

1 - ‏(‏2643‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا أبو معاوية ووكيع‏.‏ ح وحدثنا محمد بن عبدالله بن نمير الهمداني ‏(‏واللفظ له‏)‏‏.‏ حدثنا أبي وأبو معاوية ووكيع‏.‏ قالوا‏:‏ حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب، عن عبدالله قال‏:‏

حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق ‏"‏إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما‏.‏ ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك‏.‏ ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك‏.‏ ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح‏.‏ ويؤمر بأربع كلمات‏:‏ بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد‏.‏ فوالذي لا إله غيره‏!‏ إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع‏.‏ فيسبق عليه الكتاب‏.‏ فيعمل بعمل أهل النار‏.‏ فيدخلها‏.‏ وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار‏.‏ حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع‏.‏ فيسبق عليه الكتاب‏.‏ فيعمل بعمل أهل الجنة‏.‏ فيدخلها‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الصادق المصدوق‏)‏ معناه الصادق في قوله، المصدوق فيما يأتيه من الوحي الكريم‏.‏ ‏(‏ذراع‏)‏ المراد بالذراع التمثيل للقرب من موته ودخوله عقبه‏.‏ وإن تلك الدار ما بقي بينه وبين أن يصلها إلا كمن بقي بينه وبين موضع من الأرض ذراع‏.‏ والمراد بهذا الحديث أن هذا قد يقع في نادر من الناس لا أنه غالب فيهم‏.‏ ثم إنه من لطف الله تعالى وسعة رحمته انقلاب الناس من الشر إلى الخير في كثرة‏.‏ وأما انقلابهم من الخير إلى الشر ففي غاية الندور ونهاية القلة‏]‏‏.‏

1-م - ‏(‏2643‏)‏ حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم‏.‏ كلاهما عن جرير بن عبدالحميد‏.‏ ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم‏.‏ أخبرنا عيسى بن يونس‏.‏ ح وحدثني أبو سعيد الأشج‏.‏ وحدثنا وكيع‏.‏ ح وحدثناه عبيدالله بن معاذ‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا شعبة بن الحجاج‏.‏ كلهم عن الأعمش، بهذا الإسناد‏.‏ قال في حديث وكيع ‏"‏إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة‏"‏‏.‏ وقال في حديث معاذ عن شعبة ‏"‏أربعين ليلة أربعين يوما‏"‏‏.‏ وأما في حديث جرير وعيسى ‏"‏أربعين يوما‏"‏‏.‏

2 - ‏(‏2644‏)‏ حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير وزهير بن حرب ‏(‏واللفظ لابن نمير‏)‏‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد،

يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين، أو خمسة وأربعين ليلة‏.‏ فيقول‏:‏ يا رب‏!‏ أشقي أو سعيد‏؟‏ فيكتبان‏.‏ فيقول‏:‏ أي رب‏!‏ أذكر أو أنثى‏؟‏ فيكتبان‏.‏ ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه‏.‏ ثم تطوى الصحف‏.‏ فلا يزاد فيها ولا ينقص‏"‏‏.‏

3 - ‏(‏2645‏)‏ حدثني أبو الطاهر، أحمد بن عمرو بن سرح‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي الزبير المكي؛ أن عامر بن واثلة حدثه؛ أنه سمع عبدالله بن مسعود يقول‏:‏

الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره‏.‏ فأتى رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال له حذيفة بن أسيد الغفاري‏.‏ فحدثه بذلك من قول ابن مسعود فقال‏:‏ وكيف يشقى رجل بغير عمل‏؟‏ فقال له الرجل‏:‏ أتعجب من ذلك‏؟‏ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكا‏.‏ فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها‏.‏ ثم قال‏:‏ يا رب‏!‏ أذكر أم أنثى‏؟‏ فيقضي ربك ما شاء‏.‏ ويكتب الملك‏.‏ ثم يقول‏:‏ يا رب‏!‏ أجله‏.‏ فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك‏.‏ ثم يقول‏:‏ يا رب‏!‏ رزقه‏.‏ فيقضي ربك ما شاء‏.‏ ويكتب الملك‏.‏ ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده‏.‏ فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص‏"‏‏.‏

3-م - ‏(‏2645‏)‏ حدثنا أحمد بن عثمان النوفلي‏.‏ أخبرنا أبو عاصم‏.‏ حدثنا ابن جريج‏.‏ أخبرني أبو الزبير؛ أن أبا الطفيل أخبره؛ أنه سمع عبدالله بن مسعود يقول‏.‏ وساق الحديث بمثل حديث عمرو بن الحارث‏.‏

4 - ‏(‏2645‏)‏ حدثني محمد بن أحمد بن أبي خلف‏.‏ حدثنا يحيى بن أبي بكير‏.‏ حدثنا زهير، أبو خيثمة‏.‏ حدثني عبدالله بن عطاء؛ أن عكرمة بن خالد حدثه؛ أن أبا الطفيل حدثه قال‏:‏ دخلت على أبي سريحة، حذيفة بن أسيد الغفاري، فقال‏:‏

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين، يقول ‏"‏إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة‏.‏ ثم يتصور عليها الملك‏"‏‏.‏ قال زهير‏:‏ حسبته قال الذي يخلقها ‏"‏فيقول‏:‏ يا رب‏!‏ أذكر أم أنثى‏؟‏ فيجعله الله ذكرا أو أنثى‏.‏ ثم يقول‏:‏ يا رب‏!‏ أسوي أو غير سوي‏؟‏ فيجعله الله سويا أو غير سوي‏.‏ ثم يقول‏:‏ يا رب‏!‏ ما رزقه‏؟‏ ما أجله‏؟‏ ما خلقه‏؟‏ ثم يجعله الله شقيا أو سعيدا‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏يتصور‏)‏ هكذا هو في جميع نسخ بلادنا‏:‏ يتصور، بالصاد‏.‏ وذكر القاضي‏:‏ يتسور، بالسين‏.‏ والمراد‏.‏ بيتسور ينزل‏.‏ وهو استعارة من تسورت الدار إذا نزلت فيها من أعلاها‏.‏ ولا يكون التسور إلا من فوق‏.‏ فيحتمل أن تكون الصاد الواقعة في نسخ بلادنا مبدلة من السين‏]‏‏.‏

4-م - ‏(‏2645‏)‏ حدثنا عبدالوارث بن عبدالصمد‏.‏ حدثني أبي‏.‏ حدثنا ربيعة بن كلثوم‏.‏ حدثني أبي، كلثوم عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أن ملكا موكلا بالرحم‏.‏ إذا أراد الله أن يخلق شيئا بإذن الله، لبضع وأربعين ليلة‏"‏ ثم ذكر نحو حديثهم‏.‏

5 - ‏(‏2646‏)‏ حدثني أبو كامل، فضيل بن حسين الجحدري‏.‏ حدثنا حماد بن زيد‏.‏ حدثنا عبيدالله بن أبي بكر عن أنس بن مالك‏.‏ ورفع الحديث أنه قال

‏"‏إن الله عز وجل قد وكل بالرحم ملكا‏.‏ فيقول‏:‏ أي رب‏!‏ نطفة‏.‏ أي رب‏!‏ علقة‏.‏ أي رب‏!‏ مضغة‏.‏ فإذا أراد الله أن يقضي خلقا قال قال الملك‏:‏ أي رب‏!‏ ذكر أم أنثى‏؟‏ شقي أم سعيد‏؟‏ فما الرزق‏؟‏ فما الأجل‏؟‏ فيكتب كذلك في بطن أمه‏"‏‏.‏

6 - ‏(‏2647‏)‏ حدثنا عثمان بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم - واللفظ لزهير - ‏(‏قال إسحاق‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال الآخران‏:‏ حدثنا‏)‏ جرير عن منصور، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبدالرحمن، عن علي، قال‏:‏

كنا في جنازة في بقيع الغرقد‏.‏ فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقعد وقعدنا حوله‏.‏ ومعه مخصرة‏.‏ فنكس فجعل ينكت بمخصرته‏.‏ ثم قال ‏"‏ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار‏.‏ وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة‏"‏ قال فقال رجل‏:‏ يا رسول الله‏!‏ أفلا نمكث على كتابنا، وندع العمل‏؟‏ فقال ‏"‏من كان من أهل السعادة، فسيصير إلى عمل أهل السعادة‏.‏ ومن كان من أهل الشقاوة، فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة‏"‏ فقال ‏"‏اعملوا فكل ميسر‏.‏ أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة‏.‏ وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة‏"‏‏.‏ ثم قرأ ‏{‏فأما من أعطى واتقى* وصدق بالحسنى* فسنيسره لليسرى* وأما من بخل واستغنى* وكذب بالحسنى* فسنيسره للعسرى‏}‏ ‏[‏92 /الليل /5 - 10‏]‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بقيع الغرقد‏)‏ هو مدفن المدينة‏.‏ وهو المعروف الآن بجنة البقيع‏.‏ ‏(‏مخصرة‏)‏ المخصرة ما أخذه الإنسان بيده واختصره من عصا لطيفة وعكاز لطيف، وغيرهما‏.‏ ‏(‏فنكس‏)‏ بتخفيف الكاف وتشديدها، لغتان فصيحتان‏.‏ يقال‏:‏ نكسه ينكسه فهو ناكس، كقتله يقتله فهو قاتل‏.‏ ونكسه ينكسه تنكيسا فهو منكس‏.‏ أي خفض رأسه وطأطأه إلى الأرض على هيئة المهموم‏.‏ ‏(‏ينكت‏)‏ أي يخط بها خطا يسيرا مرة بعد مرة‏.‏ وهذا فعل المفكر المهموم‏.‏ ‏(‏أفلا نمكث على كتابنا‏)‏ قال القاضي‏:‏ يعني إذا سبق القضاء بمكان كل نفس من الدارين، وما سبق به القضاء فلابد من وقوعه، فأي فائدة في العمل، فندعه‏.‏ قال الطبري‏:‏ هذا الذي انقدح في نفس الرجل هي شبهة النافين القدر‏.‏ وأجاب عليه السلام بما لم يبق معه إشكال‏.‏ وتقدير جوابه أن الله سبحانه غيب عنا المقادير‏.‏ وجعل الأعمال أدلة على ما سبقت به مشيئته من ذلك‏.‏ فأمرنا بالعمل، فلا بد لنا من امتثال أمره‏.‏

وقال الإمام النووي‏:‏ وفي هذه الأحاديث كلها دلالات ظاهرة لمذهب أهل السنة في إثبات القدر‏.‏ وأن جميع الواقعات بقضاء الله تعالى وقدره، خيرها وشرها، نفعها وضرها‏.‏ وقد سبق في أول كتاب الإيمان قطعة صالحة من هذا‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون‏}‏‏.‏ فهو ملك لله تعالى يفعل ما يشاء‏.‏ ولا اعتراض على المالك في ملكه‏.‏ لأن الله تعالى لا علة لأفعاله‏.‏ قال الإمام أبو المظفر السمعاني‏:‏ سبيل معرفة هذا الباب التوقيف من الكتاب والسنة، دون محض القياس ومجرد العقول‏.‏ فمن عدل عن التوقيف فيه ضل وتاه في بحار الحيرة ولم يبلغ شفاء النفس، ولا يصل إلى ما يطمئن به القلب‏.‏ لأن القدر سر من أسرار الله تعالى التي ضربت من دونها الأستار‏.‏ اختص الله به وحجبه عن عيون الخلق ومعارفهم، لما علمه من الحكمة‏.‏ وواجبنا أن نقف حيث حد لنا ولا نتجاوزه‏.‏ وقد طوى الله تعالى علم القدر عن العالم، فلم يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب‏]‏‏.‏

6-م - ‏(‏2647‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهناد بن السري‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا أبو الأحوص عن منصور، بهذا الإسناد في معناه‏.‏ وقال‏:‏ فأخذ عودا‏.‏ ولم يقل‏:‏ مخصرة‏.‏ وقال ابن أبي شيبة في حديثه عن أبي الأحوص‏:‏ ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

7 - ‏(‏2647‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأبو سعيد الأشج‏.‏ قالوا‏:‏ حدثنا وكيع‏.‏ ح وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ حدثنا الأعمش‏.‏ ح وحدثنا أبو كريب ‏(‏واللفظ له‏)‏‏.‏ حدثنا أبو معاوية‏.‏ حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن علي‏.‏ قال‏:‏

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسا وفي يده عود ينكت به‏.‏ فرفع رأسه فقال ‏"‏ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله‏!‏ فلم نعمل‏؟‏ أفلا نتكل‏؟‏ قال ‏"‏لا‏.‏ اعملوا‏.‏ فكل ميسر لما خلق له‏"‏‏.‏ ثم قرأ ‏{‏فأما من أعطى واتقى* وصدق بالحسنى* إلى قوله فسنيسره للعسرى‏}‏ ‏[‏92 /الليل /5 -10‏]‏‏.‏

7-م - ‏(‏2647‏)‏ حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة عن منصور والأعمش؛ أنهما سمعا سعد بن عبيدة يحدثه عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بنحوه‏.‏

8 - ‏(‏2648‏)‏ حدثنا أحمد بن يونس‏.‏ حدثنا زهير‏.‏ حدثنا أبو الزبير‏.‏ ح وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير، عن جابر‏.‏ قال‏:‏

جاء سراقة بن مالك بن جعشم قال‏:‏ يا رسول الله‏!‏ بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن‏.‏ فيما العمل اليوم‏؟‏ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير، أم فيما نستقبل‏؟‏ قال ‏"‏لا‏.‏ بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير‏"‏ قال‏:‏ ففيم العمل‏؟‏

قال زهير‏:‏ ثم تكلم أبو الزبير بشيء لم أفهمه‏.‏ فسألت‏:‏ ما قال‏؟‏ فقال ‏"‏اعملوا فكل ميسر‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏أفيما جفت به الأقلام‏)‏ أي مضت به المقادير وسبق علم الله تعالى به وتمت كتابته في اللوح المحفوظ‏.‏ وجف القلم الذي كتب به‏.‏ وامتنعت فيه الزيادة والنقصان‏؟‏ قال العلماء‏:‏ وكتاب الله تعالى ولوحه وقلمه والصحف المذكورة في الأحاديث، كل ذلك مما يجب الإيمان به‏.‏ وأما كيفية ذلك وصفته فعلمها إلى الله تعالى‏.‏ ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء‏]‏‏.‏

8-م - ‏(‏2648‏)‏ حدثني أبو الطاهر‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله،

عن النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا المعنى‏.‏ وفيه‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏كل عامل ميسر لعمله‏"‏‏.‏

9 - ‏(‏2649‏)‏ حدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا حماد بن زيد عن يزيد الضبعي‏.‏ حدثنا مطرف عن عمران بن حصين‏.‏ قال‏:‏

قيل‏:‏ يا رسول الله‏!‏ أعلم أهل الجنة من أهل النار‏؟‏ قال فقال‏:‏ ‏"‏نعم‏"‏ قال قيل‏:‏ ففيم يعمل العاملون‏؟‏ قال ‏"‏كل ميسر لما خلق له‏"‏‏.‏

9-م - ‏(‏2649‏)‏ حدثنا شيبان بن فروخ‏.‏ حدثنا عبدالوارث‏.‏ ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم وابن نمير عن ابن علية‏.‏ ح وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا جعفر بن سليمان‏.‏ ح وحدثنا ابن المثنى‏.‏ حدثنا محمد بن جعفر‏.‏ حدثنا شعبة‏.‏ كلهم عن يزيد الرشك، في هذا الإسناد‏.‏ بمعنى حديث حماد‏.‏ وفي حديث عبدالوارث‏.‏ قال قلت‏:‏ يا رسول الله‏!‏

10 - ‏(‏2650‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي‏.‏ حدثنا عثمان بن عمر‏.‏ حدثنا عزرة بن ثابت عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود الدئلي، قال‏:‏

قال لي عمران بن الحصين‏:‏ أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر ما سبق‏؟‏ أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم‏؟‏ فقلت‏:‏ بل شيء قضي عليهم، ومضى عليهم‏.‏ قال فقال‏:‏ أفلا يكون ظلما‏؟‏ قال‏:‏ ففزعت من ذلك فزعا شديدا‏.‏ وقلت‏:‏ كل شيء خلق الله وملك يده‏.‏ فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون‏.‏ فقال لي‏.‏ يرحمك الله‏!‏ إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزر عقلك‏.‏ إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقالا‏:‏ يا رسول الله‏!‏ أرأيت ما يعمل الناس اليوم، ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم‏؟‏ فقال ‏"‏لا‏.‏ بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم‏.‏ وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل‏:‏ ‏{‏ونفس وما سواها* فألهمها فجورها وتقواها‏}‏‏"‏ ‏[‏91 /الشمس /7-و-8‏]‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏ويكدحون فيه‏)‏ الكدح هو السعي في العمل‏.‏ سواء أكان للآخرة أم للدنيا‏.‏ ‏(‏لأحرز عقلك‏)‏ أي لأمتحن عقلك وفهمك ومعرفتك‏]‏‏.‏

11 - ‏(‏2651‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا عبدالعزيز ‏(‏يعني ابن محمد‏)‏ عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم عمله بعمل أهل النار‏.‏ وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة‏"‏‏.‏

12 - ‏(‏112‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا يعقوب ‏(‏يعني ابن عبدالرحمن القاري‏)‏ عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار‏.‏ وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة‏"‏‏.‏

*3* 2 - باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام

13 - ‏(‏2652‏)‏ حدثني محمد بن حاتم وإبراهيم بن دينار وابن أبي عمر المكي وأحمد بن عبدة الضبي‏.‏ جميعا عن ابن عيينة ‏(‏واللفظ لابن حاتم وابن دينار‏)‏‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو، عن طاوس، قال‏:‏ سمعت أبا هريرة يقول‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏احتج آدم وموسى‏.‏ فقال موسى‏:‏ يا آدم‏!‏ أنت أبونا‏.‏ خيبتنا وأخرجتنا من الجنة‏.‏ فقال له آدم‏:‏ أنت موسى‏.‏ اصطفاك الله بكلامه، وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة‏؟‏‏"‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏فحج آدم موسى‏.‏ فحج آدم موسى‏"‏‏.‏

وفي حديث ابن أبي عمر وابن عبدة‏.‏ قال أحدهما‏:‏ خط‏.‏ وقال الآخر‏:‏ كتب لك التوراة بيده‏.‏

‏[‏ش ‏(‏احتج آدم موسى‏)‏ قال أبو الحسن القابسي‏:‏ معناه التقت أرواحهما في السماء فوقع الحجاج بينهما‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ ويحتمل أنه على ظاهره وأنهما اجتمعا بأشخاصهما‏.‏ ‏(‏خيبتنا‏)‏ أي أوقعتنا في الخيبة وهي الحرمان والخسران‏.‏ وقد خاب يخيب ويخوب‏.‏ ومعناه كنت سبب خيبتنا وإغوائنا بالخطئية التي ترتب عليها إخراجك من الجنة‏.‏ ثم تعرضنا نحن لإغواء الشياطين‏.‏ والغي الانهماك في الشر‏.‏ ‏(‏بيده‏)‏ في اليد، هنا، المذهبان السابقان في كتاب الإيمان، ومواضع في أحاديث الصفات‏.‏ أحدهما الإيمان بها‏.‏ ولا يتعرض لتأويلها مع أن ظاهرها غير مراد‏.‏ والثاني تأويلها على القدرة‏.‏ ‏(‏قدره الله علي‏)‏ المراد بالتقدير هنا الكتابة في اللوح المحفوظ، أو في صحف التوراة وألواحها‏.‏ ‏(‏فحج آدم موسى‏)‏ هكذا الرواية في جميع كتب الحديث، باتفاق الناقلين والرواة والشراح وأهل الغريب‏:‏ فحج آدم موسى، برفع آدم، وهو فاعل‏.‏ أي غلبه بالحجة وظهر عليه بها‏]‏‏.‏

14 - ‏(‏2652‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس، فيما قرئ عليه، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏تحاج آدم وموسى‏.‏ فحج آدم موسى‏.‏ فقال له موسى‏:‏ أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة‏؟‏ فقال آدم‏:‏ أنت الذي أعطاه الله علم كل شئ، واصطفاه على الناس برسالته‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق‏؟‏‏"‏‏.‏

15 - ‏(‏2652‏)‏ حدثنا إسحاق بن موسى بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن يزيد الأنصاري‏.‏ حدثنا أنس بن عياض‏.‏ حدثني الحارث بن أبي ذباب عن يزيد ‏(‏وهو ابن هرمز‏)‏ وعبدالرحمن الأعرج، قالا‏:‏ سمعنا أبا هريرة قال‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏احتج آدم موسى عليهما السلام عند ربهما‏.‏ فحج آدم موسى‏.‏ قال موسى‏:‏ أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك في جنته، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض‏؟‏ فقال آدم‏:‏ أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شئ، وقربك نجيا، فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق‏؟‏ قال موسى‏:‏ بأربعين عاما‏.‏ قال آدم‏:‏ فهل وجدت فيها‏:‏ ‏{‏وعصى آدم ربه فغوى‏؟‏‏}‏ ‏[‏20 /طه /121‏]‏‏.‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ أفتلومني على أن عملت عملا كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة‏؟‏‏"‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏فحج آدم موسى‏"‏‏.‏

15-م - ‏(‏2652‏)‏ حدثني زهير بن حرب وابن حاتم‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا يعقوب بن إبراهيم‏.‏ حدثنا أبي عن ابن شهاب، عن حميد بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة، قال‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏احتج آدم وموسى‏.‏ فقال له موسى‏:‏ أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة‏؟‏ فقال له آدم‏:‏ أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، ثم تلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أخلق‏؟‏ فحج آدم موسى‏"‏‏.‏

15-م 2 - ‏(‏2652‏)‏ حدثني عمرو الناقد‏.‏ حدثنا أيوب بن النجار اليمامي‏.‏ حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ح وحدثنا ابن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا معمر عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ بمعنى حديثهم‏.‏

15-م 3 - ‏(‏2652‏)‏ وحدثنا محمد بن منهال الضرير‏.‏ حدثنا يزيد بن زريع‏.‏ حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ نحو حديثهم‏.‏

16 - ‏(‏2653‏)‏ حدثني أبو الطاهر، أحمد بن عمرو بن عبدالله بن عمرو بن سرح‏.‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني أبو هانئ الخولاني عن أبي عبدالرحمن الحبلي، عن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال‏:‏

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة‏.‏ قال وعرشه على الماء‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏كتب الله مقادير الخلائق‏)‏ قال العلماء‏:‏ المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره، لا أصل التقدير‏.‏ فإن ذلك أزلي لا أول له‏.‏ ‏(‏وعرشه على الماء‏)‏ أي قبل خلق السموات والأرض‏]‏‏.‏

16-م - ‏(‏2653‏)‏ حدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا المقرئ‏.‏ حدثنا حيوة‏.‏ ح وحدثني محمد بن سهل التميمي‏.‏ حدثنا ابن أبي مريم‏.‏ أخبرنا نافع ‏(‏يعني ابن يزيد‏)‏‏.‏ كلاهما عن أبي هانئ، بهذا الإسناد، مثله‏.‏ غير أنهما لم يذكرا‏:‏ وعرشه على الماء‏.‏

*3* 3 - باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء

17 - ‏(‏2654‏)‏ حدثني زهير بن حرب وابن نمير‏.‏ كلاهما عن المقرئ‏.‏ قال زهير‏:‏ حدثنا عبدالله بن يزيد المقرئ‏.‏ قال‏:‏ حدثنا حيوة‏.‏ أخبرني أبو هانئ؛ أنه سمع أبا عبدالرحمن الحبلي؛ أنه سمع عبدالله بن عمرو بن العاص يقول؛

أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن‏.‏ كقلب واحد‏.‏ يصرفه حيث يشاء‏"‏‏.‏ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏اللهم‏!‏ مصرف القلوب‏!‏ صرف قلوبنا على طاعتك‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بين إصبعين من أصابع الرحمن‏)‏ هذا من أحاديث الصفات‏.‏ وفيها القولان السابقان قريبا‏:‏ أحدهما الإيمان بها من غير تعرض لتأويل ولا لمعرفة المعنى‏.‏ بل يؤمن بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ليس كمثله شئ‏.‏ والثاني يتأول بحسب ما يليق بها‏.‏ فعلى هذا المراد المجاز‏.‏ كما يقال‏.‏ فلان في قبضتي وفي كفي‏.‏ لا يراد به أنه حال في كفه بل المراد تحت قدرتي‏.‏ ويقال‏:‏ فلان تحت إصبعي أقلبه كيف شئت‏.‏ فمعنى الحديث أنه سبحانه وتعالى متصرف في قلوب عباده وغيرها كيف شاء‏.‏ لا يمتنع عليه منها شيء ولا يفوته ما أراده، كما لا يمتنع على الإنسان ما كان بين إصبعيه‏.‏ فخاطب العرب بما يفهمونه، ومثله بالمعاني الحسية تأكيدا له في نفوسهم‏]‏‏.‏

*3* 4 - باب كل شيء بقدر

18 - ‏(‏2655‏)‏ حدثني عبدالأعلى بن حماد‏.‏ قال‏:‏ قرأت على مالك بن أنس‏.‏ ح وحدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك، فيما قرئ عليه، عن زياد بن سعد، عن عمرو بن مسلم، عن طاوس؛ أنه قال‏:‏

أدركت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون‏:‏ كل شيء بقدر‏.‏ قال وسمعت عبدالله بن عمر يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏كل شيء بقدر‏.‏ حتى العجز والكيس‏.‏ أو الكيس والعجز‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس‏)‏ قال القاضي‏:‏ رويناه برفع العجز والكيس، عطفا على كل‏.‏ وبجرهما عطفا على شئ‏.‏ قال‏:‏ ويحتمل أن العجز هنا على ظاهره، وهو عدم القدرة‏.‏ وقيل‏:‏ هو ترك ما يجب فعله والتسويف به، وتأخيره عن وقته‏.‏ قال‏:‏ ويحتمل العجز عن الطاعات‏.‏ ويحتمل العموم في أمور الدنيا والآخرة‏.‏ والكيس ضد العجز، وهو النشاط والحذق بالأمور‏.‏ ومعناه أن العاجز قد قدر عجزه‏.‏ والكيس قد قدر كيسه‏]‏‏.‏

19 - ‏(‏2656‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏:‏ قالا‏:‏ حدثنا وكيع عن سفيان، عن زياد بن إسماعيل، عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي، عن أبي هريرة‏.‏ قال‏:‏

جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر‏.‏ فنزلت‏:‏ ‏{‏يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر* إنا كل شيء خلقناه بقدر‏}‏ ‏[‏54 /القمر /48، و-49‏]‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏بقدر‏)‏ المراد بالقدر، هنا، القدر المعروف‏.‏ وهو ما قدره الله وقضاه وسبق به علمه وإرادته‏.‏ وفي هذه الآية الكريمة والحديث تصريح بإثبات القدر وأنه عام في كل شئ‏.‏ فكل ذلك مقدر في الأزل معلوم لله، مراد له‏]‏‏.‏

*3* 5 - باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره

20 - ‏(‏2657‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد ‏(‏واللفظ لإسحاق‏)‏‏.‏ قالا‏:‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ حدثنا معمر عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال‏:‏

ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى‏.‏ أدرك ذلك لا محالة‏.‏ فزنى العينين النظر‏.‏ وزنى اللسان النطق‏.‏ والنفس تَمَنَّى وتشتهي‏.‏ والفرج يصدق ذلك أو يكذبه‏"‏‏.‏

قال عبد في روايته‏:‏ ابن طاوس عن أبيه‏.‏ سمعت ابن عباس‏.‏

‏[‏ش ‏(‏إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى‏)‏ معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنى‏.‏ فمنهم من يكون زناه حقيقيا بإدخال الفرج في الفرج الحرام‏.‏ ومنهم من يكون زناه مجازا بالنظر الحرام أو الاستماع إلى الزنى وما يتعلق بتحصيله‏.‏ أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده أو يقبلها‏.‏ أو بالمشي بالرجل إلى الزنى أو النظر أو اللمس أو الحديث الحرام مع أجنبية ونحو ذلك‏.‏ أو بالفكر بالقلب‏.‏ فكل هذه أنواع من الزنى المجازي‏.‏ والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه‏.‏ معناه أنه قد يحقق الزنى بالفرج وقد لا يحققه‏.‏ بأن لا يولج الفرج في الفرج وإن قارب ذلك‏]‏‏.‏

21 - ‏(‏2657‏)‏ حدثنا إسحاق بن منصور‏.‏ أخبرنا أبو هشام المخزومي‏.‏ حدثنا وهيب‏.‏ حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة،

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى‏.‏ مدرك ذلك لا محالة‏.‏ فالعينان زناهما النظر‏.‏ والأذنان زناهما الاستماع‏.‏ واللسان زناه الكلام‏.‏ واليد زناها البطش‏.‏ والرجل زناها الخطا‏.‏ والقلب يهوى ويتمنى‏.‏ ويصدق ذلك الفرج ويكذبه‏"‏‏.‏

*3* 6 - باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين

22 - ‏(‏2658‏)‏ حدثنا حاجب بن الوليد‏.‏ حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي، عن الزهري‏.‏ أخبرني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة؛ أنه كان يقول‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ما من مولود إلا يولد على الفطرة‏.‏ فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه‏.‏ كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء‏.‏ هل تحسون فيها من جدعاء‏؟‏‏"‏ ثم يقول أبو هريرة‏:‏ واقرؤا إن شئتم‏:‏ ‏{‏فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله‏}‏‏.‏ الآية ‏[‏30 /الروم /30‏]‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الفطرة‏)‏ قال المازري‏:‏ قيل هي ما أخذ عليهم في أصلاب آبائهم، وإن الولادة تقع عليها حتى يحصل التغيير بالأبوين‏.‏ وقيل هي ما قضى عليه من سعادة أو شقاوة يصير إليها‏.‏ وقيل‏:‏ هي ما هيئ له‏.‏ ‏(‏كما تنتج البهيمة بهيمة‏)‏ بضم التاء الأولى وفتح الثانية‏.‏ ورفع البهيمة، ونصب بهيمة‏.‏ ومعناه كما تلد البهيمة بهيمة جمعاء، أي مجتمعة الأعضاء، سليمة من نقص‏.‏ لا توجد فيها جدعاء، وهي مقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء‏.‏ ومعناه أن البهيمة تلد بهيمة كاملة الأعضاء لا نقص فيها‏.‏ وإنما يحدث فيها الجدع والنقص بعد ولادتها‏]‏‏.‏

22-م - ‏(‏2658‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا عبدالأعلى‏.‏ ح وحدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ كلاهما عن معمر، عن الزهري، بهذا الإسناد‏.‏ وقال ‏"‏كما تنتج البهيمة بهيمة‏"‏‏.‏ ولم يذكر‏:‏ جمعاء‏.‏

22-م 2 - ‏(‏2658‏)‏ حدثني أبو الطاهر وأحمد بن عيسى‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا ابن وهب‏.‏ أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب؛ أن أبا سلمة بن عبدالرحمن أخبره؛ أن أبا هريرة قال‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ما من مولود إلا يولد على الفطرة‏"‏‏.‏ ثم يقول‏:‏ اقرؤا‏:‏ ‏{‏فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم‏}‏ ‏[‏30 /الروم /30‏]‏‏.‏

23 - ‏(‏2658‏)‏ حدثنا زهير بن حرب‏.‏ حدثنا جرير عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ما من مولود إلا يلد على الفطرة‏.‏ فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه‏"‏ فقال رجل‏:‏ يا رسول الله‏!‏ أرأيت لو مات قبل ذلك‏؟‏ قال ‏"‏الله أعلم بما كانوا عاملين‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏يلد‏)‏ هكذا هو في جميع النسخ‏:‏ يلد‏.‏ حكاه القاضي عن رواية السمرقندي‏.‏ قال وهو صحيح على إبدال الواو لانضمامها‏]‏‏.‏

23-م - ‏(‏2658‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا أبو معاوية‏.‏ ح وحدثنا ابن نمير‏.‏ حدثنا أبي‏.‏ كلاهما عن الأعمش، بهذا الإسناد‏.‏

وفي حديث ابن نمير ‏"‏ما من مولود يولد إلا وهو على الملة‏"‏‏.‏

وفي رواية أبي بكر عن أبي معاوية ‏"‏إلا على هذه الملة، حتى يبين عنه لسانه‏"‏‏.‏

وفي رواية أبي كريب عن أبي معاوية ‏"‏ليس من مولود يولد إلا على الفطرة‏.‏ حتى يعبر عنه لسانه‏"‏‏.‏

24 - ‏(‏2658‏)‏ حدثنا محمد بن رافع‏.‏ حدثنا عبدالرزاق‏.‏ حدثنا معمر عن همام بن منبه‏.‏ قال‏:‏ هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فذكر أحاديث منها‏:‏

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من يولد يولد على هذه الفطرة‏.‏ فأبواه يهودانه وينصرانه‏.‏ كما تنتجون الإبل‏.‏ فهل تجدون فيها جدعاء ‏؟‏ حتى تكونوا أنتم تجدعونها‏"‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله‏!‏ أفرأيت من يموت صغيرا‏؟‏ قال ‏"‏الله أعلم بما كانوا عاملين‏"‏‏.‏

25 - ‏(‏2658‏)‏ حدثنا قتيبة بن سعيد‏.‏ حدثنا عبدالعزيز ‏(‏يعني الدراوردي‏)‏ عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏كل إنسان تلده أمه على الفطرة‏.‏ وأبواه، بعد، يهودانه وينصرانه ويمجسانه‏.‏ فإن كانا مسلمين فمسلم‏.‏ كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حضنيه، إلا مريم وابنها‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏يلكزه‏)‏ لكزه لكزا، من باب قتل، ضربه بجمع كفه في صدره‏.‏ وربما أطلق على جميع البدن‏.‏ ‏(‏حضنيه‏)‏ هكذا هو في جميع النسخ‏:‏ في حضنيه، تثنية حضن‏.‏ وهو الجنب‏.‏ وقيل الخاصرة‏]‏‏.‏

26 - ‏(‏2659‏)‏ حدثنا أبو الطاهر‏.‏ أخبرنا ابن وهب‏.‏ أخبرني ابن أبي ذئب ويونس عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد، عن أبي هريرة؛

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أولاد المشركين‏.‏ فقال ‏"‏الله أعلم بما كانوا عاملين‏"‏‏.‏

26-م - ‏(‏2659‏)‏ حدثنا عبد بن حميد‏.‏ أخبرنا عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا معمر‏.‏ ح وحدثنا عبدالله بن عبدالرحمن بن بهرام‏.‏ أخبرنا أبو اليمان‏.‏ أخبرنا شعيب‏.‏ ح وحدثنا سلمة بن شبيب‏.‏ حدثنا الحسن بن أعين‏.‏ حدثنا معقل ‏(‏وهو ابن عبيدالله‏)‏‏.‏ كلهم عن الزهري‏.‏ بإسناد يونس وابن أبي ذئب‏.‏ مثل حديثهما‏.‏ غير أن في حديث شعيب ومعقل‏:‏ سئل عن ذراري المشركين‏.‏

27 - ‏(‏2659‏)‏ حدثنا ابن أبي عمر‏.‏ حدثنا سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال‏:‏

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين‏.‏ من يموت منهم صغيرا‏.‏ فقال ‏"‏الله أعلم بما كانوا عاملين‏"‏‏.‏

28 - ‏(‏2660‏)‏ وحدثنا يحيى بن يحيى‏.‏ أخبرنا أبو عوانة عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس‏.‏ قال‏:‏

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين‏؟‏ قال ‏"‏الله أعلم بما كانوا عاملين، إذ خلقهم‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏الله أعلم بما كانوا عاملين‏)‏ هذا بيان لمذهب أهل الحق‏.‏ أن الله علم ما كان وما يكون، وما لا يكون، لو كان كيف كان يكون‏]‏‏.‏

29 - ‏(‏2661‏)‏ حدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب‏.‏ حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه، عن رقبة بن مسقلة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، قال‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا‏.‏ ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا‏"‏‏.‏

30 - ‏(‏2662‏)‏ حدثني زهير بن حرب‏.‏ حدثنا جرير عن العلاء بن المسيب، عن فضيل بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت‏:‏

توفي صبي‏.‏ فقلت‏:‏ طوبى له‏.‏ عصفور من عصافير الجنة‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أو لا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار‏.‏ فخلق لهذه أهلا، ولهذه أهلا‏"‏‏.‏

31 - ‏(‏2662‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة‏.‏ حدثنا وكيع عن طلحة بن يحيى، عن عمته، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين قالت‏:‏

دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار‏.‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله‏!‏ طوبى لهذا‏.‏ عصفور من عصافير الجنة‏!‏ لم يعمل السوء ولم يدركه‏.‏ قال ‏"‏أو غير ذلك، يا عائشة‏!‏ إن الله خلق للجنة أهلا‏.‏ خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم‏.‏ وخلق للنار أهلا‏.‏ خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم‏"‏‏.‏

31-م - ‏(‏2662‏)‏ حدثنا محمد بن الصباح‏.‏ حدثنا إسماعيل بن زكرياء عن طلحة بن يحيى‏.‏ ح وحدثني سليمان بن معبد‏.‏ حدثنا الحسين بن حفص‏.‏ ح وحدثني إسحاق بن منصور‏.‏ أخبرنا محمد بن يوسف‏.‏ كلاهما عن سفيان الثوري، عن طلحة بن يحيى‏.‏ بإسناد وكيع‏.‏ نحو حديثه‏.‏

*3* 7 - باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها، لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر

32 - ‏(‏2663‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ‏(‏واللفظ لأبي بكر‏)‏‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا وكيع عن مسعر، عن علقمة بن مرثد، عن المغيرة بن عبدالله اليشكري، عن المعرور بن سويد، عن عبدالله‏.‏ قال‏:‏

قالت أم حبيبة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏اللهم‏!‏ أمتعني بزوجي، رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وبأبي أبي سفيان‏.‏ وبأخي، معاوية‏.‏ قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏قد سألت الله لآجال مضروبة، وأيام معدودات، وأرزاق مقسومة‏.‏ لن يعجل شيئا قبل حله‏.‏ أو يؤخر شيئا عن حله‏.‏ ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار، أو عذاب في القبر، كان خيرا وأفضل‏"‏‏.‏

قال وذكرت عنده القردة‏.‏ قال مسعر‏:‏ وأراه قال والخنازير من مسخ‏.‏ فقال ‏"‏إن الله لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا‏.‏ وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏حله‏)‏ ضبطناه بوجهين‏:‏ فتح الحاء وكسرها في المواضع الخمسة من هذه الروايات‏.‏ وذكر القاضي‏:‏ أن جميع الروايات على الفتح‏.‏ ومراده رواة بلادهم‏.‏ وإلا، فالأشهر عند رواة بلادنا الكسر‏.‏ وهما لغتان‏.‏ ومعناه وجوبه وحينه‏.‏ يقال‏:‏ حل الأجل يحل حلا وحلا‏.‏ وهذا الحديث صريح في أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تتغير عما قدره الله تعالى وعلمه في الأزل‏.‏ فيستحيل زيادتها ونقصها حقيقة عن ذلك‏.‏ ‏(‏وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك‏)‏ أي قبل مسخ بني إسرائيل‏.‏ فدل ذلك على أنها ليست من المسخ‏]‏‏.‏

32-م - ‏(‏2663‏)‏ حدثناه أبو كريب‏.‏ حدثنا ابن بشر عن مسعر، بهذا الإسناد‏.‏ غير أن في حديثه عن ابن بشر ووكيع جميعا ‏"‏من عذاب في النار‏.‏ وعذاب في القبر‏"‏‏.‏

33 - ‏(‏2663‏)‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وحجاج بن الشاعر - واللفظ لحجاج - ‏(‏قال إسحاق‏:‏ أخبرنا‏.‏ وقال حجاج‏:‏ حدثنا‏)‏ عبدالرزاق‏.‏ أخبرنا الثوري عن علقمة بن مرثد، عن المغيرة بن عبدالله اليشكري، عن معرور بن سويد، عن عبدالله بن مسعود‏.‏ قال‏:‏

قالت أم حبيبة‏:‏ اللهم‏!‏ متعني بزوجي، رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وبأبي، أبي سفيان‏.‏ وبأخي، معاوية‏.‏ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إنك سألت الله لآجال مضروبة، وآثار موطوءة، وأرزاق مقسومة‏.‏ لا يعجل شيئا منها قبل حله‏.‏ ولا يؤخر منها شيئا بعد حله‏.‏ ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار، وعذاب في القبر، لكان خيرا لك‏"‏‏.‏

قال فقال رجل‏:‏ يا رسول الله‏!‏ القردة والخنازير، هي مما مسخ‏؟‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن الله عز وجل لم يهلك قوما، أو يعذب قوما، فيجعل لهم نسلا‏.‏ وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك‏"‏‏.‏

33-م - ‏(‏2663‏)‏ حدثنيه أبو داود، سليمان بن معبد‏.‏ حدثنا الحسين بن حفص‏.‏ حدثنا سفيان، بهذا الإسناد‏.‏ غير أنه قال ‏"‏وآثار مبلوغة‏"‏‏.‏

قال ابن معبد‏:‏ وروى بعضهم ‏"‏قبل حله‏"‏ أي نزوله‏.‏

*3* 8 - باب في الأمر بالقوة وترك العجز‏.‏ والاستعانة بالله، وتفويض المقادير لله

34 - ‏(‏2664‏)‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير‏.‏ قالا‏:‏ حدثنا عبدالله بن إدريس عن ربيعة بن عثمان، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال‏:‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف‏.‏ وفي كل خير‏.‏ احرص على ما ينفعك واستعن بالله‏.‏ ولا تعجز‏.‏ وإن أصابك شيء فلا تقل‏:‏ لو أني فعلت كان كذا وكذا‏.‏ ولكن قل‏:‏ قدر الله‏.‏ وما شاء فعل‏.‏ فإن لو تفتح عمل الشيطان‏"‏‏.‏

‏[‏ش ‏(‏المؤمن القوي خير‏)‏ المراد بالقوة، هنا، عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة‏.‏ فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداما على العدو في الجهاد وأسرع خروجا إليه وذهابا في طلبه‏.‏ وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏ والصبر على الأذى في كل ذلك‏.‏ واحتمال المشاق في ذات الله تعالى، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات، وأنشط طلبا لها ومحافظة عليها، ونحو ذلك‏.‏ ‏(‏وفي كل خير‏)‏ معناه في كل من القوي والضعيف خير، لاشتراكهما في الإيمان، مع ما يأتي به الضعيف من العبادات‏.‏ ‏(‏احرص على ما ينفعك‏)‏ معناه احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده، واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة ولا عن طلب الإعانة‏]‏‏.‏