أم المؤمنين حفصة بنت عمر

صاحبة سر رسول الله

لما فرغ زيد بن ثابت -رضى اللَّه عنه- من جمع القرآن بأمر من أبي بكر الصديق- رضى اللَّه عنه-، كانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبى بكر، حتى توفاه اللَّه، ثم عند عمر حتى توفاه اللَّه، ثم عند حفصة بنت عمر -رضى اللَّه عنها - ثم أخذها عثمان - رضى اللَّه عنه- فنسخها، ثم ردها إليها فكانت في حوزتها إلى أن ماتت.

وُلدت السيدة حفصة قبل بعثة النبي بخمس سنين، في بيت شريف كريم، فأبوها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- وأمها السيدة زينب بنت مظعون بن حبيب.

أسلمتْ حفصة مبكرًا هي وزوجها خُنيس بن حذافة السهمى القرشي، وهاجرت معه إلى الحبشة فرارًا بدينهما، ثم إلى المدينة بعد أن بدأت الدعوة في الانتشار، وشهد زوجها بدرًا، ومات في غزوة أحد بعد جرح أصابه، وترك حفصة شابة لم تتجاوز عامها الحادي والعشرين . وبعد أن انقضت عدتها ذكرها عمر عند عثمان بن عفان، ثم أبى بكر، فلم يردا عليه بالقبول، فجاء عمر إلى النبي يشكو إليه إعراض أبى بكر وعثمان عن ابنته حفصة، فقال: "يتزوج حفصةَ من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمانُ من هي خيرٌ من حفصة" . ثم خطبها الرسول من عمر، فتزوجها فلقى أبوبكر عمر بن الخطاب، فقال له: لا تجد (لا تغضب) علي في نفسك ؛ فإن رسول اللَّه كان قد ذكر حفصة، فلم أكن لأفشي سرَّ رسول اللَّه، ولو تركها لتزوجتها.

وبنى بها النبي في شعبان من السنة الثالثة للهجرة، وكان زواج النبي من حفصة؛ إكرامًا لها ولأبيها وحُبّا فيهما، وذات يوم قالت امرأة عمر له: عجبًا يا بن الخطاب ! ما تريد إلا أن تجادل وابنتك تجادل رسول اللَّه حتى يظل يومه غضبان، فذهب عمر ابن الخطاب من فوره إلى حفصة غضبان يقول لها: يا بنيتي إنى أحذرك عقوبة اللَّه وغضب رسوله. كانت السيدة حفصة -رضى اللَّه عنها- عابدة خاشعة، تقوم الليل، وتصوم النهار، لذا كرمها اللَّه تعالى بفضله وجعلها من نساء النبي في الجنة.

وشهدت حفصة-رضى اللَّه عنها- انتصارات الإسلام واتساع دولته، وروت 60 حديثًا عن رسول الله.

توفيت حين بويع الحسن بن علي -رضى اللَّه عنهما- وذلك في جمادى الأولى سنة 41 للهجرة، وقيل توفيت سنة 45هـ.

ورد في "سير أعلام النبلاء" للذهبي عن حفصة أم المؤمنين قوله:

" الستر الرفيع بنت أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب. تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء عدتها من خنيس بن حذافة السهمي أحد المهاجرين في سنة ثلاث من الهجرة.

قالت عائشة: هي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

وروي أن مولدها كان قبل المبعث بخمس سنين. فعلى هذا يكون دخول النبي صلى الله عليه وسلم بها ولها نحو من عشرين سنة.

روت عنه عدة أحاديث.

روى عنها: أخوها ابن عمر وهي أسن منه بست سنين وحارثة بن وهب وشتير بن شكل والمطلب بن أبي وداعة وعبد الله بن صفوان الجمحي وطائفة.

وكانت لما تأيمت عرضها أبوها على أبي بكر فلم يجبه بشيء وعرضها على عثمان فقال: بدا لي ألا أتزوج اليوم. فوجد عليهما وانكسر وشكا حاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: "يتزوج حفصة من هو خير من عثمان ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة". ثم خطبها فزوجه عمر.

وزوج رسول الله عثمان بابنته رقية بعد وفاة أختها.

ولما أن زوجها عمر لقيه أبو بكر فاعتذر وقال: لا تجد علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد ذكر حفصة فلم أكن لأفشي سره ولو تركها لتزوجتها. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة ثم راجعها بأمر جبريل عليه السلام له بذلك وقال: "إنها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة".

إسناده صالح. يرويه موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة ابن عامر الجهني.

وحفصة وعائشة هما اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله فيهما: "إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما. وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل". الآية التحريم 4.

عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة قال: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فبلغ ذلك عمر فحثا على رأسه التراب وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته فنزل جبريل من الغد وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر رضي الله عنهما.

توفيت حفصة سنة إحدى وأربعين عام الجماعة.

وقيل: توفيت سنة خمس وأربعين بالمدينة وصلى عليها والي المدينة مروان. قاله الواقدي عن معمر عن الزهري عن سالم.

ومسندها في كتاب بقي بن مخلد ستون حديثاً.

اتفق لها الشيخان على أربعة أحاديث وانفرد مسلم بستة أحاديث.

ويروى عن عمر أن حفصة ولدت إذ قريش تبني البيت.

وقيل: بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة ثلاث.

قال الواقدي: حدثني علي بن مسلم عن أبيه: رأيت مروان فيمن حمل سرير حفصة وحملها أبو هريرة من دار المغيرة إلى قبرها.

عن حماد بن سلمة: أخبرنا أبو عمران الجوني عن قيس بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة فدخل عليها خالاها: قدامة وعثمان فبكت وقالت: والله ما طلقني عن شبع. وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "قال لي جبريل: راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة".

وروى نحوه من كلام جبريل الحسن بن أبي جعفر عن ثابت عن أنس مرفوعاً".