محمود أبو الزلف

1924 - 2005
كان محمود أبو الزلف أول رئيس تحرير لصحيفة "القدس" الأقدم والأكثر انتشاراً بين الصحف الفلسطينية. ولد في مدينة يافا حيث أنهى دراسته الثانوية ثم غادر فلسطين متوجها إلى بيروت حيث التحق بالجامعة الأمريكية. وما إن أنهى دراسته في بيروت حتى عاد إلى يافا ليعمل صحفيا في جريدة "الدفاع" التي كانت أكثر الجرائد اليومية رواجا في فلسطين آنذاك وكانت ملكا للراحل إبراهيم الشنطي.

تسببت النكبة في وقف جريدة "الدفاع" عن الصدور؛ وهو ما دفع القائمين عليها إلى نقلها إلى القاهرة حيث كانت تحرر وتطبع وترسل بالطائرة إلى المملكة الأردنية الهاشمية. وبذل أبو الزلف جهوداً كثيفة لكي تعود جريدة "الدفاع" إلى الوطن ونجح في إعادتها إلى مدينة القدس حيث تسلم رئاسة تحرير الشئون الخارجية فيها، وظل يعمل حتى عام 1953 عندما نشأ خلاف بينه وبين عدد من المحررين انتهى باستقالته.

أسس أبو الزلف جريدة مستقلة عرفت باسم "الجهاد" بالمشاركة مع الراحلين سليم الشريف ومحمود يعيش التي "سرعان ما أصبحت أوسع الجرائد العربية انتشارا في فلسطين". غير أنه في أوائل عام 1967 أصدرت الحكومة الأردنية، المسؤولة آنذاك عن إدارة الضفة الغربية، قانون المطبوعات الذي بموجبه تم إلغاء كافة التراخيص الممنوحة لجميع الصحف للحد من عدد الجرائد اليومية التي كانت تصدر في ذلك الوقت؛ وهو ما ألزم جريدة الجهاد بالصدور مع جريدة الدفاع باعتبارهما جريدة واحدة باسم القدس.

لم يثن الاحتلال عزيمة أبو الزلف. فبالرغم من المعارضات الشديدة التي واجهته فإنه ما زاد إلا يقينا وثباتا على موقفه فلجأ إلى القانون لإعادة إصدار صحيفة القدس. وفي عام 1968 استطاع أن يحصل على ترخيص لصحيفة القدس التي خرجت إلى النور من جديد. ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا تعتبر هذه الصحيفة من أولى الصحف الفلسطينية توزيعاً وانتشاراً.

عايش أبو الزلف جميع مراحل الصحافة الفلسطينية من النكبة حتى النكسة فالانتفاضة الأولى ثم انتفاضة الأقصى الحالية. لذا فقد استحق لقب "شيخ الصحافة" عن جدارة. وكان يحارب بقلمه ويناضل بفكره عبر صفحات جريدته، جاعلاً همه الأول قضية فلسطين. فقام عبر صحيفته بتذكير الجيل الجديد من الفلسطينيين بتاريخهم عبر نشر الصفحة الأولى من الصحيفة قبل 20 عاماً ومن خلال هذه الصفحات يرى القارئ كيف يعيد التاريخ نفسه.

وعلى صعيد التحرير عرف عن أبو الزلف شخصيته القوية وتمتعه بحس صحفي عال وقدرته على تقييم أي خبر أو تقرير. وكان معروفا عنه أنه لا ينام إلا بعد أن يقرأ الصحيفة قبل صدورها. ولازمته هذه العادة حتى أيامه الأخيرة. وعلى الصعيد السياسي كان يعتبر واقعياً، حيث أبقى على علاقة جيدة مع منظمة التحرير الفلسطينية ومع الحكومة الأردنية حتى في أوقات الأزمات.