الشريف شرف بن راجح

قليل من كثير تاريخ ألعراق وبعض من ساهم في صنعه

 

صدر عن دار المعارف ببيروت كتاب يتناول حياة الشريف شرف بن راجح من إعداد المؤرخ الأردني الدكتور علي المحافظة يتضمن مسيرة ومواقف الشريف شرف منذ نشأته ومشاركته الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين في 10/6/1916 ضد الحكم ودوره الفاعل فيها، ثم إنتقاله الى العرق والعمل مع مؤسس الدولة العراقية الحديثة الملك فيصل الأول وكذلك مع الملك غازي وإختياره وصياً على العرش خلال ثورة رشيد عالي الكيلاني وهروب الأمير عبد الاله الوصي على عرش العراق. ينتمي الشريف شرف الى الدوحة الهاشمية فهو الشريف شرف بن راجح ( أمير الطائف) ولد عام1881أمه الشريفة فاطمة بنت ملبس النعر العبدلي من الأشراف العبادلة .

 

شارك في الثورة العربية مع جيش الأمير فيصل وقد وصفه لورانس حين إلتقى به لأول مرة أنه أي شرف كان رجلاً قوي الشخصية واكثر الأشراف كفاءة في جيش فيصل وكان أفضل من يتعامل مع رجال القبائل ،وكانوا يخشونه لأنه قاسٍ ونزيه ويتمتع بصفاء ذهني وحكمة ولطف . يتناول الدكتور المحافظة دور الشريف شرف في الثورة العربية الكبرى وخاصة معارك الطائف وسقوط مدينة جدة ومعارك المدينة ومع أن الشريف شرف كان عازفاً عن السياسة والخوض فيها مع السياسيين، فقد كان يراقب كل ما يجري في العراق والبلاد العربية المنورة وساحل الحجاز والهجوم على محطات سكة حديد الحجاز وقيادته لمعسكر " أبو راغة" حيث قامت قواته بتفجير 700 شحنة من المتفجرات على خط سكة حديد الحجاز ودمرت العديد من عربات القطار وذلك في نيسان 1918. إضافة الى تدمير 700 قضيب من سكة الحديد. كما يتناول المؤلف النزاع الهاشمي السعودي على منطقة " الخرمة".وتدّخل الحكومة البريطانية من أجل التفاوض لعقد الصلح بين نجد والحجاز وتعيين الحدود بينهما.

 

الانتقال الى بغداد بدعوة من الملك فيصل الأول غادر الشريف شرف جدة وحط رحاله في بغداد وبعد عشر سنوات على إقامته في العاصمة العراقية رغب الشريف شرف في تأدية فريضة الحج فبعث ببرقية الى الملك عبد العزيز آل سعود يعبّر فيها عن رغبته هذه وقد رحبّ الملك عبد العزيز بالشريف الذي إلتقى الملك عبد العزيز واقام في الطائف ثلاثة أشهر بين أهله ومحبيه في ضيافة الحكومة السعودية. وأثناء إقامته في الطائف وصلته برقية من زوجته في بغداد السيدة أسماء بنت حسين عبد الله البار تبشرّه بأنه رُزق بمولود وتطلب منه تسميته فإختار للمولود إسم فواز.

 

إنتخب الشريف شرف وصياً على عرش العراق في 10/4/1941

 

كان الشريف شرف منفتحاً على المجتمع العراقي ولاسيما مع الضباط العراقيين الذين ساهموا في الثورة العربية الكبرى أمثال نوري السعيد وطه الهاشمي وياسين الهاشمي وعلي جودت الأيوبي. كما أقام علاقات مع عبد الهادي الجلبي ومحمد حسين الجلبي. وقِبلَ الشريف شرف إستقالة وزارة طه الهاشمي، وكلّفَ رشيد عالي الكيلاني بتأليف الوزارة الجديدة التي تألفت في 12/4/1941 .لم يوافق رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرتشل على مقترح سفيره ببغداد للاعتراف بحكومة الكيلاني وإعتبر أن ما حدث في العراق يشكل خطراً كبيراً على مجرى الحرب العامة، ولابد من القضاء على حكومة رشيد عالي الكيلاني باسرع وقت ممكن. وإقتضت الخطة البريطانية للقضاء على حكومة الكيلاني وإحتلال العراق إرسال طابور بريطاني الى فلسطين وطابور طائر يضم وحدتين من الجيش العربي الاردني بقيادة غلوب باشا والثانية قوة يقودها ضابط بريطاني وزحفت جميعها على بغداد مما حمل المسؤولين في حكومة الكيلاني والعقداء الاربعة الى مغادرة العراق الى إيران مساء التاسع والعشرين من أيار 1941.

 

غادر الشريف شرف والكيلاني ومفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني بغداد ليلاً وما لبث أن إلتحق بهم يونس السبعاوي الذي أعلن نفسه حاكماً عسكرياً على بغداد يرافقه صديق شنشل وعدد من الشباب العراقي.

 

وفيما إجتاحت القوات البريطانية والروسية اللتان طلبتا من الحكومة الايرانية تسليم اللاجئين السياسيين العراقيين . و تمّ إجبار الشاه رضا بهلوي على التنازل عن العرش لابنه محمد رضا في 19/9/1941 حيث نفي الى جزيرة" موريسيوش " ومنها الى" جوهانسبرغ " في جنوب افريقيا حيث.وهنا تمكن الكيلاني والعقيد صلاح الدين الصباغ من الهرب الى تركيا ومنها الى ألمانيا وكذلك هرب المفتي الحسيني فيما إعتقلت الشرطة الايرانية بقية اللاجئين العراقيين ومن بينهم الشريف شرف.

 

وقد عانوا كثيرا من الانتقال بهم من سجن الى آخر ومن دولة الى أخرى فمن الأحواز الى البصرة ومنها الى بومبي ومنها ممباسا ومن ممباسا الى سجن دوربان بجنوب أفريقيا.فيما نقل الشريف شرف الى "سالوسبري "( روديسيا الجنوبية)

 

وفي هذا المعتقل توفي ناجي السويدي ودُفنَ في مقبرة المسلمين بعد أن أقيمت الصلاة على روحه في جامع "سالسبري".وعلى أثر وفاة السويدي سمحت سلطات روديسيا للشريف وجماعته بالسكن خارج المعتقل.وفي 24//1/1944 تقرر عودتهم الى العراق عن طريق" ممباسا" ومنها بالباخرة عبر البحر الأحمر فالقاهرة ومنها عبر فلسطين فالاردن والعراق.بواسطة نقليات " نيرن" حيث معتقل ابو غريب.

 

وفي الليلة الأولى التي قضاها المعتقلون القوميون في أبو غريب طلبَ الأمير عبد الإله كلاً من الشريف شرف والعقيد كامل شبيب لمقابلته في قصر الرحاب ببغداد.أسفرت المقابلة عن مضاعفاتٍ منها التضييق على الشريف الطاعن في السن في المعتقل حيث ظلّ ورفاقه ما يربو على أربعين يوماً دون محاكمة رغم مرضه والجو الحار الذي كان يعيشه.

 

وبعد محاكمة غير عادلة صدر الحكم على الشريف شرف بالحبس لمدة ثلاث سنوات. وكانت عائلته المؤلفة من زوجته وأولاده الشريف محمد والشريفة شيخة والشريفة سكينة والشريف فواز والشريف عبد الحميد (رئيس وزراء الأردن لاحقاّ) ومعظمهم صغار السن تتراوح أعمارهم بين السابعة والخامسة عشرة قد غادرت العراق قبيل مغادرة الشريف إلى إيران متجهة إلى تركيا عن طريق الراشدية ومنها إلى الموصل فدير الزور بسوريا ثم إلى حلب فبيروت ومنها إلى إسطنبول بتركيا حيث أقامت فيها لمدة أربع سنوات،

 

حاول الشريف عقب صدور الحكم عليه أن يدعوا عائلته إلى بغداد، إلا ان الأمير عبد الإله رفضَ ذلك رغم ضنك العيش هناك لعدم وجود معيل لهم مما إضطر الشريف للاضراب عن الطعام لمدة خمسة أيام أشرف بعدها على الموت، نُقلَ على أثرها إلى مستشفى الكرخ.

 

وأثناء إقامة العائلة في إسطنبول تلقّت دعوة من الزعيمين السوريين شكري القوتلي وسعد الله الجابري للقدوم الى سوريا وإستضافتها لكنّ الامير عبد الإله توسط لدى السلطات البريطانية في سوريا لمنعها من دخول سوريا. كما تلقت العائلة دعوة من الامير عبد الله امير شرق الاردن للقدوم الى الاردن حيث وصلت الى العاصمة الاردنية في تشرين الثاني 1945 ونزلت في بيت الشريف شاكر بن زيد حيث زارها الامير عبدالله مرحباً بها.ووعدها بالانتقال الى القصر الاميري في رغدان .وكان الشريف شرف قد أنهى مدة سجنه في العراق وغادرها إلى عمان سنة 1947 حيث التحق بإسرته وتمّ تعيينه عضوا في مجلس الاعيان وانعم عليه الملك عبد الله بن الحسين بوسام النهضة العربية من الدرجة الاولى . وبقي الشريف شرف في الاردن حتى توفي في 21/1/1955 .