مروان البرغوثي

1959م-
وُلد مروان البرغوثي في بلدة كوبر الفلسطينية لأسرة بسيطة. عاش طفولة عادية في وضع اقتصادي واجتماعي صعب. كان والده فلاحاً بسيطاً ووضعه المالي شبه معدوم، وهو ما انعكس على تحصيله العلمي الذي كان بالغالب متوسطاً.

لم يتمكن البرغوثي من إكمال تحصيله الثانوي في ثانوية الأمير حسن ببير زيت لأنه اعتُقل وهو في الصف الأول الثانوي في العام 1978، واضطر لإكمال دراسته داخل المعتقل؛ حيث حصل على شهادة الثانوية العامة "التوجيهي". وبعد خروجه من المعتقل التحق بجامعة بيرزيت ليدرس العلوم السياسية وحصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية. وكان موضوع دراسته عن العلاقات الفلسطينية الفرنسية ليصبح بعدها رئيساً لجمعية الصداقة الفرنسية الفلسطينية. تزوج البرغوثي من إحدى قريباته وهي محامية من كوبر، وله منها 6 من الأولاد والبنات.

بدأ نشاط البرغوثي في القيادات الطلابية والمسيرات والاعتصامات يظهر بشكل بارز داخل المدرسة، وكان له صفة متميزة بالقيادة، كما يقول المقربون منه. ولهذا تم التركيز عليه خصوصا أن الانتماءات السياسية آنذاك كانت محدودة.

أول اعتقال رسمي للبرغوثي كان في الخامسة عشرة من عمره حين وُجهت له تهمة المشاركة في صناعة المتفجرات وأنابيب ومواسير تحوي مواد ناسفة، وحكم عليه آنذاك بالسجن لمدة 4 سنوات. وبعد خروجه من المعتقل والتحاقه بجامعة بير زيت أصبح البرغوثي مسؤول حركة الشبيبة الطلابية، ومن ثم انتخب رئيسا لمجلس الطلبة في العامين 1984 –1985.

تعرض البرغوثي أثناء دراسته الجامعية إلى الملاحقة. وفي إحدى المرات اعتُقل على أحد الحواجز الإسرائيلية أثناء حمله لبيانات سياسية، ولكنه تمكن من الهرب. وفي العام 1987 مع اندلاع انتفاضة الأقصى الأولى أصبحت جامعة بيرزيت مسرحا للمظاهرات، ووقف البرغوثي في قيادتها. وبعد اعتقاله في ذات العام نُفي إلى
الأردن، ومن ثم إلى تونس. وخلال وجوده في الأردن استمر في نشاطه السياسي والوطني، وعمل على رعاية مبعدي وجرحى الانتفاضة، وانتقل بعدها إلى تونس وعمل في إطار قيادة منظمة تحرير فلسطين هناك.

جاءت النقلة البارزة في حياة البرغوثي بعد مؤتمر مدريد عام 1991، والتوقيع على اتفاقيات أوسلو عام 1993. فبعد عام من التوقيع على اتفاق أوسلو عاد البرغوثي إلى بلدته كوبر، وبدأ نشاطه السياسي حتى أصبح من أشد المروجين لأوسلو وفي مقدمة مطبعي اتفاقيات السلام وبدأ بالتقرب من اليسار الإسرائيلي ومجموعات السلام المختلفة بالدولة العبرية.

وفي العام 1996 خاض مروان البرغوثي انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، وفاز عن دائرة رام الله بعد صراع مرير مع د. مصطفى البرغوثي. ولكن البرغوثي تمكن من تثبيت نفسه كعضو لأول برلمان فلسطيني منتخب. ونتيجة لعدم اضطلاعه بأي دور تنفيذي في وزارات أو مؤسسات السلطة، اندفع نحو الاهتمام لإعادة بناء حركة فتح وترميم هيكليتها. وبدأ العمل على بناء ما سمي بالتنظيم وفتح له مكاتب وأفرع عديدة.

أثار البرغوثي ملفات الفساد والبيروقراطية في مؤسسات السلطة، ووجه انتقادات لاذعة لرموز بارزة في القيادة الفلسطينية أدت أحيانا إلى وقوع صدامات ومواجهات مسلحة بين أعضاء التنظيم المدربين وأجهزة السلطة الأمنية. كما كان له خلافات داخلية في إطار حركة فتح هددت جسم الحركة بالكامل لأكثر من مرة.

حياة البرغوثي التي شهدت العديد من النقلات عادت من جديد لتمر في تغيرها الأخير. كانت البداية إبان حكم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك الذي رفض في العام 1999 تسليم 3 قرى فلسطينية محيطة بالقدس لسيادة السلطة الفلسطينية. حينها لمس البرغوثي أن أوسلو قد لا تقود إلى الدولة المرجوة، وتبعتها انتفاضة الأقصى في أيار/سبتمبر2000 التي قرر البرغوثي أن يشارك تنظيمه فيها بشكل بارز. وعند بدء الانتفاضة كان البرغوثي أحد أصحاب تيار واسع في الشارع الفلسطيني في تقييم الانتفاضة. فإلى جانب التيار الذي رأى بأن الانتفاضة هي مجرد ورقة يجب إيقافها في الوقت المناسب لأنها ستؤدي إلى مأزق فلسطيني- فلسطيني، كان البرغوثي من أصحاب تيار يرى بالانتفاضة بديلا لخيار التسوية. وانعكس ذلك في آليات مشاركة حركته في الانتفاضة التي انتقلت من أسلوب النضال الشعبي إلى النضال العسكري.

أيد البرغوثي توسيع نطاق العمليات داخل الخط الأخضر.. لكن اسمه بدأ يدرج في قائمة المطلوبين، وبالذات بعد عملية وقعت في "بير نبالا" قرب القدس، وقتل فيها آنذاك قس مسيحي. وبعد إلقاء القبض على الخلية اعترف أفرادها بأن البرغوثي كان من سلمهم السلاح وأرسلهم لتنفيذ العملية. ومنذ ذلك الوقت بدأ اسمه يُدرج بشكل متصاعد من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية، وتطور الوضع إلى حد استهداف حياته حيث تعرض إلى محاولتين للاغتيال.

بعد الاجتياح الأخير لرام الله كان البرغوثي في صدارة قائمة المطلوبين لأجهزة الأمن الإسرائيلية. وبعد نجاحه بالاختفاء لمدة ثلاثة أسابيع تمكن الجيش الإسرائيلي من إلقاء القبض عليه وحكم بالسجن حيث لا يزال حتى اليوم.