أبو الجوائز الواسطي

أبو الجوائز الحسن بن علي بن محمد بن باري الكاتب الواسطي؛ كان من الفضلاء، سكن بغداد دهراً طويلاً، وذكره الخطيب في تاريخه فقال: وعلقت عنه أخباراً وحكايات وأناشيد وأمالي عن ابن شكرة الهاشمي وغيره، ولم يكن ثقة، فإنه ذكر لي أنه من ابن سكرة وكان يصغر عن ذلك. وكان أديباً شاعراً حسن الشعر في المديح والأوصاف وغير ذلك، فمما أنشدنيه لنفسه قوله:

دع الناس طراً واصرف الود عنهم

 

إذا كنت في أخلاقهم لا تسـامـح

ولا تبغ من دهر تظاهـر رنـقـه

 

صفاء بنيه فالطـبـاع جـوامـح

وشيئان معدومان في الأرض: درهم

 

حلال وخل في الحقيقة نـاصـح

 

انتهى قول الخطيب.


وله تواليف حسان وخط جيد وأشعار رائقة، وقفت له على مقاطيع كثيرة ولم أر له ديواناً ولا أعلم هل دون شعره أم لا. ومن أشعاره السائرة قوله:

 

براني الهوى بري المدى وأذابـنـي

 

صدودك حتى صرت أمحل من أمس

فلسـت أرى حـتـى أراك وإنـمـا

 

يبين هبار الذر في ألق الـشـمـس

 

ومن شعره:

 

أقول وجرس الحلي يمنع وصلها

 

وقد عاد ذاك القرب وهو بعـاد

هبي كل ذي نطق يغار عليكـم

 

فكيف يغار الحلي وهو جمـاد

 

ومن شعره أيضاً وفيه لزوم ما لا يلزم:

 

واحزني من قولهـا

 

خان عهودي ولهـا

وحق من صيرنـي

 

وقفاً عليها ولـهـا

ما خطرت بخاطري

 

إلا كستني ولـهـا

وكانت وفاته سنة ستين وأربعمائة، رحمه الله تعالى. وقال الخطيب: سمعت أبا الجوائز يقول: ولدت في سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة، وغاب عني خبره في سنة ستين وأربعمائة، انتهى كلام الخطيب.

قلت: وقد صح أن وفاته كانت في سنة ستين كما ذكرته أولاً، والله أعلم، وإن كان الخطيب لم يصرح به بل اقتصر على انقطاع خبره لا غير.