الباب الرابع والخمسون تحقيق أقدار الاتصالات

التي تكون بحسب عروض الكواكب

قال ولما كانت دائرة البروج مقسومة باثني عشر برجاً ولم يكن يوجد للاثني عشر شيء يعدها مما له منها جزء صحيح أعني نسبة قائمة إلا الستة مرتين والأربعة ثلث مرات والثلثة أربع مرات والاثنان ستة مرات استعملت هذه الأقدار دون غيرها وهي أربعة أشكال سوى المقارنة فمنها المقابلة وهي من ستة بروج وتحيط بزاويتين قائمتين وبمائة وثمانين درجة وسببها سبب بين من نفسه في القوة وبعده شكل التربيع وهو نصف المقابلة ويحيط بالثلاثة أبراج وبزاوية قائمة وبتسعين جزءاً ثم التثليث ويحيط بأربعة أبراج وبزاوية قائمة وثلث زاوية وبمائة وعشرين درجة ثم التسديس وهو نصف التثليث ويحيط ببرجين وبثلثي زاوية قائمة وبستين درجة وأما سبب المقارنة فغير مشاكل فهذه الأجزاء من فلك البروج هي التي تشترك بعضها مع بعض في الأشكال دون غيرها وتسمى البروج التي هذه الحال بعضها عند بعض البروج المرتبطة والباقية التي لا ترتبط بعضها مع بعض ولا تشترك في الأشكال التي هي بعد ما بينها برج واحد وخمسة أبراج وسبعة أبراج. ولما كانت شعاعات الكواكب عند اشتراكها في الأشكال الأربعة إنما تجتمع في مركز الأرض وتلتقي هناك صار النظر في عروضها عند ذلك من الفضل ولكن ذلك أكثر ما يحتاج إلى النظر في عروضها عند المقارنة فقط لأن الكوكبين إذا كان التقاءهما التقاءً جسمانياً ولم يكن عرضهما معاً في جهة واحدة وبمقدار واحد لم يكن اقترانهما اقتراناً صحيحاً ولم يستر الأسفل منهما الأعلى لأن اقترانهما إذا كان على الحالة التي ذكرنا يقع بالطول والعرض فإذا لم يكونا في جهة واحدة وبمقدار واحد كان اقترانهما في الطول دون العرض وليس تسمى تلك المقارنة بمجاسدة صحيحة سيما إذا كان في جهتين مختلفتين فإنه لا يعد لهما التقاء عند ذلك. فإذا تجاسدا بالطول والعرض والجهة لم يزالا مقترنين حتى يبعد أحدهما عن صاحبه بمقدار نصف جرميهما. ويقال أيضاً في الاتصالات إنه إذا كان كواكب ذاهبة إلى تسديس أو تربيع أو مقابلة كواكب أخر فهي متصلة بها فإذا ساوتها في العدد فقد تم الاتصال فإذا جاوزت الخفاف الثقال فهي منصرفة عن الثقال إلى أن تتصل بكواكب أخر فإن لم تتصل بغيرها سميت منصرفة. وكذلك أنوار الكواكب وقوتها في الاتصالات يقال أن قوة الشمس في الاتصالات تقع على خمس عشرة درجة أمامها ومثل ذلك خلفها وقوة القمر تقع على اثنتي عشرة درجة من أمامه وخلفه وكذلك قوة المشتري تقع على اثنتي عشرة درجة أيضاً أمامه وخلفه وقوة الزهرة ثمانية أجزاء من أمامها وخلفها وقوة المريخ سبعة أجزاء من أمامه وخلفه وقوة عطارد كذلك سبعة أجزاء من أمامه وخلفه وقوة زحل كذلك أيضاً سبعة أجزاء من أمامه وخلفه وقوة الأقدار القوية فإنها هي الأقدار التي ذكرنا في باب عظم الأجرام وما توتر أقطارها من دائرة الفلك سيما العلوية منها وقد بينا ذلك بياناً شافياً فيما تقدم. وقد ذكر أيضاً أن الأجزاء التي بعدها عن نقطتي المنقلبين وهما رأس السرطان ورأس الجدي بعد واحد في الجهة المتقدمة والجهة المتأخرة التي تتلو من أجزاء البروج ينظر بعضها إلى بعض وتستوي في القوة لأن نهار كل واحد منهما مساو لنهار الأخر. ومثال ذلك ان عشرة أجزاء من السرطان تساوي في القوة عشرين جزءاً من الجوزاء لأن بعد هذين الجزء ين من أول السرطان بعد واحد ونهار أحدهما مساو لنهار الآخر وتسمى التي تنظر بعضها إلى بعض من هذه الأجزاء مستوية في القوة لهذه العلة وكذلك الأجزاء التي بعدها عن رأس الجدي بعد واحد متساوية أيضاً في القوة ومثال ذلك كوكب في خمسة أجزاء من القوس وكوكب آخر في خمسة وعشرين جزءاً من الجدي فهما في هذين البعدين متساويان في القوة. وكذلك أيضاً الأجزاء التي بعدها عن إحدى نقطتي الاعتدالين بعد واحد في الجهة المتقدمة من البروج والجهة التالية تسمى الآمرة والمطيعة ويقال أيضاً أنها العالية والمنخفضة فالتي تسمع وتطيع بعضها لبعض هي المنخفضة والتي تطاع العالية فالأجزاء التي في نصف الفلك الجنوبي وهي من أول الميزان إلى آخر الحوت هي المنخفضة والأجزاء التي هي في نصف الفلك الشمالي وهي من أول الحمل إلى أخر السنبلة هي العالية على تلك الأجزاء وذلك أن مقدار زيادة النهار في هذه الأجزاء الشمالية هو مقدار نقصانه في تلك الجنوبية إذا كانت مساوية البعدين من إحدى هاتين النقطتين ومثال ذلك أن عشرين درجة من الحوت تسمع وتطيع لعشرة أجزاء من الحمل لأن زيادة نهار عشرة من الحمل مثل نقصان عشرين من الحوت وقد يمكن أن تتفق هذه الأقدار التي ذكرنا في هذين الصنفين فتقع من إحدى المشاكلات كما يتفق ويتهيأ أن يكون أول القوس يتصل بأول الدلو ويشترك معه في الشكل والتسديس وبعدهما عن أول الجد بعد واحد فيجمع الأمرين وكذلك أيضاً أول الحوت يشترك مع أول الثور في الشكل وأول الحوت سامع لأول الثور فيجمع الأمرين أيضاً. وقد يقع ذلك من التثليث والتربيع والمقابلة كما يكون نصف الثور على تربيع نصف الأسد ونصف الدلو على تربيع نصف الثور وأول الثور على تثليث أول السنبلة وأول الجدي على تثليث أول الثور ورأس السرطان على مقابلة رأس الجدي وبعد هذه الأجزاء عن نقطة الانقلاب ونقطة الاعتدال بعد متساو وكذلك أول الحمل يقابل أول الميزان. وقد تتصل الكواكب المتحيرة بالكواكب الثابتة إذا بينهما بعد تسديس وتثليث وتربيع ومقابلة وكذلك أيضاً تلقى الكواكب المتحيرة والثابتة الشعاع على دائرة فلك البروج بأقدار مختلفة تزيد وتنقص بقدر اختلاف العروض فإذا عرف مقدار ما بين الكوكبين علم إن كانا على شكل من أشكال الاتصالات. وأما الكواكب الثابتة فلإبطاء حركتها لا يعمل على اتصال المتحيرة بها ولا بإلقاء شعاعها على دائرة البروج إذا كان بعدها عن دائرة البروج بعداً واحداً بهذه الأشكال ولكن ينظر إلى الأشكال التي تكون لها معها عند الأوتاد والمجاسدة سيما مع الشمس وأما المتحيرة يحتاج إلى معرفة أبعاد بعضها عن بعض والأقدار التي تلقي منها الشعاع على دائرة البروج بحسب عروضها عند المواليد والتسيير من بعضها إلى بعض. وأما المقابلة فبين أنها لا تقع على التمام إلا يكون الكوكبان معاً على دائرة البروج أو يكون عرض كل واحد من الكوكبين مساوياً للآخر ويكونا مختلفي الجهتين وإن كان أحد الكوكبين على دائرة البروج والآخر مائلاً عنها في العرض فإن البعد الذي بينهما عند ذلك يكون أقل من بعد المقابلة بقدر عرض الكوكبين عرضاً واحداً في جهة واحدة فإن بعد ما بينهما يقع أقل من المقابلة بمقدار العرضين جميعاً. وأما التربيع الذي يقع من سائر الكواكب على دائرة البروج فإنه أبداً بحال واحدة لا يزيد ولا ينقص عن تسعين كثر العرض أم قل وذلك بين في الكرة التي تقع الدواير على قطبيها. وأما التسديس فإنه إذا كان للكوكب عرض ألقي شعاعه على دائرة البروج على أقل من ستين جزءاً من الجزء الذي هو فيه ويلقى شعاعه من التثليث على أكثر من مائة وعشرين بمثل ما ينقص من التسديس. فإذا أردت أن تعلم على كم جزءاً يلقي الكوكب شعاعه من التسديس والتثليث على دائرة البروج إذا كان له عرض فأنقص عرض الكوكب من تسعين واعرف وتر ما يبقى في جداول الأوتار المنصفة فإنه يقع أبداً وتر الضلع الثاني التام الذي قد ذكرناه في باب أقطار المربعات فيما تقدم من هذا الكتاب وفي هذا الباب الذي نحن فيه في هذا الموضع فقط فاحفظه ووتر الضلع الثاني ثم اعرف وتر عرض الكوكب تاماً وذلك بأن تأخذ نصف عرضه وتعرف وتره المنصف وتضعفه فما بلغ فهو وتر عرض الكوكب التام فاضربه في نفسه فما بلغ فاحفظه برسمه ثم خذ وتر الضلع الثاني التام الذي حفظت فاضربه في ستين فما بلغ فزد عليه هذا المضروب في نفسه الذي حفظته برسمه فما بلغ فخذ جذره فما حصل فخذ ما يزيد على ستين فاضربه في مثله فما بلغ فاقسمه على وتر الضلع الثاني التام الذي حفظته فما حصل بالقسمة فانقصه من ستين فما بقي فهو الوتر المعدل فاحفظه ثم خذ زيادة الجذر على الستين أيضاً ثانية فاضربها في وتر الضلع الثاني التام المحفوظ فما بلغ فاقسمه على الوتر المعدل فما حصل فهو حصة التقويم فاحفظها ثم خذ وتر عرض الكوكب التام المضروب في مثله فانقصه من ثلثة آلاف وستمائة التي هي ضرب وتر التسديس التام في نفسه فما بقي فخذ جذره فما حصل الجذر فانقص منه حصة التقويم التي حفظت فما بقي فهو الضلع الثاني المعدل فاعرفه ثم انقص وتر العرض التام المضروب في نفسه أيضاً من ثلثة آلاف وستمائة أيضاً فما بقي فاقسمه على الضلع الثاني المعدل فما حصل فهو الوتر الذي تريد فقوسه كما تقوس الأوتار التامة وذلك بأن تأخذ نصفه فتقوسه في الجدول فما خرجت القوس أضعفتها فما بلغت القوس من تسديس الكوكب في أي الجهتين كان عرضه فانقصه من قف فما بقي فهو مقدار تثليث الكوكب فانقص كل واحد من هذين المقدارين من جزء الكوكب وزد كل واحد منهما أيضاً على جزء الكوكب فما بلغ جزء الكوكب بعد الزيادة أو النقصان فاعرفه فالموضع الناقص هو موضع تسديسه وتثليثه الأول والموضع الزائد هو موضع التثليث والتسديس الثاني الذي يقعان منه على دائرة البروج إن شاء الله.