إمكانات إستثمار رؤوس الاموال الكويتية

 


نشرت هذه الندوة في شباط / فبراير 1961 ، العدد الرابع ، الرائد العربي

عقدت " الرائد العربي " ندوتها هذا الشهر في الكويت لبحث قضية من أهم القضايا الاقتصادية التي تحظى بإهتمام الحكومة الكويتية ورجال الاعمال الكويتيين والرأي العام الكويتي ، وهي إختيار أصلح المجالات لاستثمار رأس المال الحكومي والفردي في الكويت . وضمت الندوة عدداً من كبار رجال الاعمال في الكويت بحثوا فيها المشاريع الاقتصادية القائمة ، والمشاريع المزمع إنشاؤها ، وأبدوا وجهات نظرهم فيما يتعلق بإمكانية نجاح هذه المشاريع .

إشترك في الندوة السادة :

عبد العزيز البحر : رجل أعمال – مدير عام دائرة الاسكان .

خالد صالح الغنيم : رجل أعمال – مدير عام دائرة الاشغال العامة .

عبد الغني الدلي : مدير عام مؤسسة بدر الملا واخوانه .

يوسف ابراهيم الغانم : تاجر – عضو مجلس الانشاء .

جاسم محمد الغانم : مجلة الرائد العربي .

راجي حبيب صهيون : مجلة الرائد العربي .

وقد تولى السيد يوسف ابراهيم الغانم إدارة الندوة .

الغانم : سنبدأ بحث الموضوع مباشرة بالسؤال التالي :

بعض الخدمات ، كالنقل الجوي والبحري ، والاعمال المصرفية والتأمين ، تحتاج بالدرجة الاولى الى رؤوس أموال كبيرة . وبما ان رأس المال متوفر في الكويت ، فيمكن لهذا البلد ان يصبح مركزاً رئيساً للمؤسسات التي تقدم هذه الخدمات . فما هي المشاريع القائمة او المزمع إنشاؤها في الحقل المالي ، كالمصارف والتأمين؟ .

البحر : بالنسبة للمشاريع القائمة ، هنالك " البنك التجاري الكويتي " الذي صدر مرسوم حكومي بتأسيسه قبل ثلاثة أشهر برأسمال يبلغ عشرين مليون روبية ، و" شركة الكويت للتأمين " التي يبلغ رأسمالها خمسة ملايين روبية . ومن المنتظر ان تباشر هاتان المؤسستان اعمالهما في شهر اذار / مارس 1961 .

الغانم : الى جانب البنك التجاري الكويتي ، هناك البنك الوطني وبنك الخليج الذي أسس حديثاً وبنك الإئتمان .

البحر : وهناك فكرة بتأسيس شركة كويتية وطنية لإعادة التأمين في المستقبل ، اذا ما قامت أكثر من شركة وطنية للتأمين . وستحصر المساهمة في شركة " إعادة التأمين " بالحكومة وشركات التأمين الوطنية ، من دون الافراد . كما ان أعمالها ستقتصر في البداية على شركات التأمين الوطنية .

الدلي : إن تحديد ميدان عمل شركات التأمين الكويتية وشركة " إعادة التأمين " مسألة ذات أهمية بالغة . أنا أرى أن يكون الهدف النهائي لشركات التأمين الكويتية العمل على نطاق دولي . فإتساع ميدان العمل لمثل هذه الشركات ضمانة لنجاحها . أي أن شركات التأمين الكويتية تستطيع في المستقبل ، عندما تتوفر لها الامكانات المادية اللازمة وتستكمل كل مقوماتها ، أن تسهم في أعمال التأمين في البلاد العربية وفي الميدان الدولي .

البحر : أنا ايضاً أؤيد فكرة التوسع . فمجال العمل والاستثمار ضيق في الكويت بالنسبة لرأس المال المتوفرفيها . وهناك مجال واسع امام شركات التأمين في البلاد العربية والبلاد الافريقية التي إستقلت حديثاً . لكن هذا التوسع يجب ان لا يأتي قبل ان تتوفر لهذه الشركات الخبرة والمران الكافيان .

الدلي : هذه ملاحظة جديرة بالاهتمام . فأعمال التأمين والاعمال المصرفية والصيرفية تتطلب ، بالاضافة الى رأس المال ، الخبرة والدراية . ولا يوجد في الكويت حالياً العدد الكافي من الخبراء والاختصاصيين في هذا الميدان . لذلك ، يمكن في البداية الاستعانة بالخبراء الاجانب وابناء البلاد العربية الشقيقة . إنما يجب ، في الوقت نفسه ، إعداد فئة من شباب الكويت انفسهم إعداداً فنياً كي يتمكنوا في المستقبل من ادارة اعمال التأمين والاعمال المصرفية .

الغانم : النقص في الخبرة والاختصاص في الكويت حقيقة معروفة لدى الجميع . فالنهضة التعليمية هنا حديثة العهد والجهاز الحكومي يمتص حالياً معظم المتعلمين . لكن يمكن للمؤسسات الاقتصادية ان تسهم في حل هذه المشكلة عن طرق تخصيص مبالغ في ميزانياتها لايفاد الشباب من ابناء الكويت في بعثات دراسية الى الخارج وإلحاقهم بالمؤسسات المماثلة هناك حتى يتدربوا التدريب الصحيح . وبالفعل ، فقد تنبهت الحكومة الى هذا النقص ، فأرسلت خمسة من خريجي الجامعة للتدرب على أعمال البنوك المركزية .

أرى أن ننتقل الى الشق الثاني من السؤال .

ما هي مشاريع النقل الجوي والبحري القائمة في الكويت ، وهل في النية توسيعها لتشمل إقامة شركة عالمية للطيران وشركة ملاحة للنقل التجاري (غير ناقلات البترول) ؟ .

الغنيم : لم يجر في الكويت حتى الآن بحث مشروع انساء شركات كويتية للنقل الجوي والبحري على نطاق عالمي .

الدلي : هذا ، مع أن النقل البحري من الميادين التي يجب ان يسهم فيها الكويت بصورة فعالة . فللكويت ميناء طبيعي ، كان منذ القدم ، مركزاً لتجارة الخليج العربي عبر البحر الاحمر والمحيط الهندي . كذلك ، فإن المال متوفر في الكويت بكثرة ، والتقاليد الكويتية والاستعداد الفني الموجود في الكويت أقوى في ميدان النقل البحري مما هو عليه في أي ميدان آخر . لذلك أرى انه من واجب رجال الاعمال والمتمولين والحكومة الاستثمار في هذا المجال .

الغانم : من المؤسف ان التطور الحديث في الكويت لم يشمل النقل البحري الذي هو من أعز تراث الكويتيين، وقد كان في يوم ما ، من أهم مواردهم . إنما بدأت دائرة المعارف تفكر الان في إنشاء مدرسة بحرية حديثة لتدريب الكويتيين على الملاحة البحرية . وهذه بادرة طيبة . كما ان شركة ناقلات البترول يمكنها ان توسع في المستقبل لتشمل النقل التجاري .

أما إنشاء شركة عالمية للطيران ، فهذا موضوع يبحثه حالياً المجلس الاقتصادي العربي ، وما زال قيد البحث والدراسة .

صهيون : إن شركة الطيران التي يدرس المجلس الاقتصادي موضوع إنشائها ، ستكون شركة عربية عامة . لكن سؤالنا هنا يتعلق بإنشاء شركة كويتية برأسمال كويتي . فهل هنالك نية جدية لإنشاء مثل هذه الشركة ؟ .

البحر : أعتقد أن التجربة التي مرت بها شركة الطيران الكويتية ، والتي يمكن ان يقال إنها قد فشلة إقتصادياً، قد أخافت أصحاب رأس المال الفردي وجعلتهم يترددون في المساهمة بمثل هذه المشاريع . والشىء الوحيد الذي يمكن ان يغري رأس المال بدخول هذا الميدان هو نجاح شركة الطيران الكويتية الحالية .

الغانم : هناك عقبة أخرى أمام إنشاء شركة طيران عالمية ، هي افتقار الكويت الى العناصر الفنية والاداية ذات الخبرة .

البحر : لكن بالامكان ، ما دام رأس المال متوفراً ، أن نستورد الخبرة من البلاد العربية . واذا لم تتوفر هناك، فمن البلدان الاجنبية .

الغانم : إن تقييد أي مشروع بخبراء من الخارج ، برأي ، يسبب الكثير من المصاعب لهكذا مشروع ، وقد يتسبب في عدم نجاحه . وعل هذا أرى ان نقلل من الاعتماد على الاجانب في إدارة المشاريع المنوي انشاؤها. ففي الوقت الذي نستعين فيه بالخبرة الاجنبية ، يتوجب علينا ان نقوم بتخطيط شامل للتدريب الفني ، بحيث نستطيع توفير الخبرة الفنية محلياً ، وبأسرع وقت ممكن .

الدلي : يمكننا ان نلخص البحث اذن في ان مشاريع الطيران والنقل البحري مشاريع مهمة ، تحتاج الى رأس مال كبير ، ولكنها تحتاج ، في الدرجة الاولى ، الى الخبرة الفنية التي هي العقبة الرئيسة امام انشاء هذه المشاريع وتوسيعها . وعلينا ، هنا ، ان ندعو الناس وقادة الرأي ورجال الاعمال في الكويت الى الاهتمام بهذه الناحية .

ولدي اقتراح أتقدم به من المؤسسة الاقتصادية ، هو ان نخصص منحاً دراسية لابناء البلدان العربية من المبرزين في دراساتهم ، والذين لديهم الاستعداد للعمل في الكويت ، او لجعل الكويت موطنهم النهائي . فنحن أمام حلول ثلاثة :

1 – ان نقصر الاعتماد على ابناء الكويت .

2 – ان نعتمد على ابناء البلاد العربية .

3 – ان نستعين بالخبراء الاجانب .

ونحن طبعاً نؤيد ان نتجنب الاعتماد على الاجانب . لذلك يجب ان نسعى الى تشجيع ابناء الكويت وابناء البلاد العربية كي يهتموا بالدراسات الفنية . وبإمكاننا ان نوجههم نحو هذه الدراسات بواسطة المنح الدراسية .

الغانم : لي ملاحظتان أود أن اوردهما تعليقاً على النقاش الذي جرى حول الموضوع . الملاحظة الاولى هي ان الكويت تمر في مرحلة تطور سريع في جميع نواحي الحياة . ورأس المال في الكويت يتطور ايضاً من رأس مال فردي مستقل الى رأس مال تجمعي . . وهذا التطور خطوة مهمة بالنسبة للكويت ، إذ سينتج عنه قيام مؤسسات تعمل على نطاق واسع وتستطبع ان تغزو الاسواق الخارجية بمنتجاتها والخدمات التي تقدمها . كما انها تستطيع ان تعنى بالتدريب الفني لموظفيها . والملاحظة الثانية ، هي ان هذا التطور لم يكن منسجماً في جميع الميادين . فالمجتمع يتكون من عناصر مختلفة ، إجتماعية واقتصادية وتربوية وعمرانية الخ .. فاذا ما تخلف بعض هذه العناصر عن اللحاق بركب التقدم فسينعكس هذا التخاف على العناصر الاخرى . في الكويت ، العناصر العمرانية والتربيوية والمالية متقدمة ، لكن هناك عناصر اخرى مازالت متأخرة نسبياً . لذلك أرى أن نقوم في الكويت ، شعباً وحكومة ، بدراسة تخطيطية للمجتمع كي ندفع قدماً العناصر المتأخرة ونتلافى النقص الحاصل في بعض العناصر. أرى أنه ، اذا سارت الحكومة والمؤسسات على هدى مخطط طويل الامد ، بغض النظر عن الربح العاجل ، فالمجتمع بجميع عناصره منسجمة ، سيتقدم ويتطور وسنحصل على حاجتنا من الخبرة الفنية والادارية . الآن نطرح على بساط البحث سؤالنا التالي :

تأسست في الكويت شركة الصناعات الاهلية برأسمال حكومي وخاص مشترك . فما هي المشاريع الصناعية التي أنشأتها هذه الشركة او تنوي انشاءها ؟ وهل يدخل ضمنها مشروع إقامة صناعة للاسمنت ؟ وهل تتوفر المواد الاولية لهذه الصناعة في الكويت ؟ .

لعل الاخ عبد العزيز البحر يستطيع ان يخبرنا بتفاصيل اعمال هذه الشركة .

البحر : تزمع الشركة شراء المصنعين الحكوميين ، مصنع انتاج الطابوق الرملي والكلس ، ومصنعاً آخر سبق ان أنشيء منذ عشر سنوات لصنع البيوت الجاهزة ولكنه فشل ، نظراً لارتفاع كلفة البيوت التي ينتجها .

الغانم : هل فكرت الشركة في انشاء صناعات جديدة اخرى ؟ .

البحر : لقد صدر قانون بتأسيس شركة صناعة الاسمنت . وستكون هذه الشركة جزءاً من شركة الصناعات الاهلية . وقد أجريت بحوث حول المواد الاولية للاسمنت في الكويت ، لكن النتائج لا تبشر بخير . إلا ان بعض رجال الاعمال في الكويت أجروا بعض البحوث وتقدموا من الجهات الرسمية المختصة يعرضون القيام بانتاج الاسمنت ويطلبون الحماية لهذا المشروع قبل البدء فيه، وهم يعتقدون ان المواد الخام للاسمنت متوفرة وإن لم يجر اكتشافها بعد .

الدلي : الحقيقة انه لا يمكن البت بامكانية تأسيس المشاريع الصناعية في الكويت ونجاحها قبل القيام باعداد دراسات وافية تشمل متطلبات هذه المشاريع وامكانية تسويق انتاجها في الكويت والخارج . لذلك أتمنى ان تتأسس في الكويت مؤسستان دراسيتان تكونان نواة للتخطيط الاقتصادي والسياسة التثميرية . المؤسسة الاولى تهتم بدراسة موارد البلاد الصناعية والجيولوجية والمائية ، والمؤسسة الثانية تقوم باعمال الاحصاء لدراسة حاجات السكان الحاضرة وحاجاتهم في المستقبل . وعلى ضوء الدراسات التي تقوم بها هاتان المؤسستان يمكن الحكم على امكانية نجاح المشاريع الصناعية في الكويت .

البحر : واحدة من المشاكل التي تعاني منها صناعة الطابوق الرملي في الكويت هي مشكلة التسويق . فالحكومة هي المستهلك الاكبر لمنتجات هذه المشاريع ، وعندما يتوقف طلب الحكومة ستفشل هذه المشاريع .

الغنيم : هذا صحيح . فعندما توقف البناء ارتفعت كميات الطابوق الرملي المعروضة ، بينما كان انتاج المصنع في السابق لا يكفي لتلبية الطلب على الطابوق .

الغانم : ألم تبحث امكانية التصدير الى الخارج ؟ .

البحر : حاولنا ان نصدر الطابوق الرملي الى أقطار الخليج . ولكن وجد ان تكاليف النقل عالية بحيث يصبح سعر الطابوق أعلى مما هو عليه في الاقطار الاخرى .
صهيون : هل يعني توقف مشاريع الحكومة ان تتوقف الحاجة الى الصناعات المحلية ؟ . ففي المجتمعات المتحركة كالكويت تكون هناك دائماً حاجة الى صناعات جديدة . وهذه الصناعات بدورها تخلق متطلبات إضافية وتخلق ، بالتالي ، سوقاً اوسع للصناعات الجديدة .

الدلي : الصناعات البنائية بطبيعتها صناعات محلية تتماشى مع حركة البناء المحلية ، ويمكنها ان تكون رابحة اذا وضعت لها سياية صحيحة .

هناك صناعة أخرى يمكن ان تقوم بها شركة الصناعات الاهلية هي صناعة تكرير السكر الخام . فمشاريع تكرير السكر مشاريع بسيطة . فيمكن استيراد السكر الخام بدلاً من السكر المصفى ، وبهذا يوفر الكويت تكاليف التكرير في الخارج.

صهيون : لي سؤال يتعلق بموضوع النقل . لقد بدا لي من خلال المناقشة ان كلفة النقل تقف ، الى درجة ما، حائلاً في طريق تسويق منتجات الصناعات الكويتية المنشأة والتي يزمع انشاؤها في المستقبل . فهل يمكن للكويت ، اذا أمكن التغلب على مشكلة النقل ، ان يصبح مركزاً تصديرياً لاقطار الخليج ؟ . بمعنى انه اذا حشدت رؤوس الاموال الكوينية في صناعات كويتية ، فهل تعتقدون انه من الممكن ان يصبح الكويت مركزاً لتصدير المنتجات الصناعية الى أقطار الخليج العربي ؟ .

الغانم : أعتقد ذلك . ففي اللحظة التي تتوفر فيها وسائل النقل يصبح بمقدور الكويت ان يلعب دوراً كبيراً في تطوير الحياة الاقتصادية في بلدان الخليج العربي . لكن ، تجدر الاشارة هنا الى ان أسعار المنتجات الصناعية تضاف اليها عادة كلفة النقل ، فيجب الاهتمام اذن بالكلفة والعمل على تخفيضها . وهذا ممكن في الكويت بسبب توفر الوقود الرخيص والمواد الاولية .
ننتقل الآن الى مناقشة موضوع آخر .

الخليج العربي مشهور بأسماكه المتنوعة الاصناف . فما هو رأي أعضاء الندوة في امكان قيام ونجاح صناعة صيد وتعبئة الاسماك في الكويت ؟ . وهل أجريت دراسات حول هذا الموضوع ومن قام به ، وما هي نتائج الدراسات ؟.

البحر : هناك شركة لصيد الاسماك وتعليبها مركزها في احد أقطار الخليج ، قد تكون دبي او الشارقة . وقد أسست هذه الشركة شركة انكليزية وساهم فيها رأسمال محلي ورأسمال كويتي .

الغنيم : كذلك تقدمت شركة سويدية لصيد الاسماك تعرض انشاء مشروع صيد وتعبئة الاسماك يساهم فيه كويتيون . وتعتقد هذه الشركة ان مجال الصيد في الخليج العربي خصب للغاية .

الدلي : تدل الظواهر على ان ثروة الكويت من الاسماك وافرة . لكنني سمعت ان الدراسات التي أجريت في السواحل العراقية كانت غير مشجعة . ولهذا ، ولقرب السواحل الكويتية من السواحل العراقية ، أرى أنها تحتاج الى دراسة خاصة . فموضوع صيد الاسماك يتطلب دراسة وافية . وانا أرى ان يقوم مجلس الانشاء باستخدام الخبراء لاجراء هذه الدراسة ، وألا يترك الامر للشركات الاجنبية . فهذا مشروع حيوي للكويت لأنه يؤمن الغذاء بسعر أقل . واذا أردنا المنافسة في الاسواق الخارجية ، يجب ان تكون كلفة الانتاج منخفضة. ولذا أرى ان تباشر الحكومة نفسها بدراسة المشروع .

الغنيم : سبق ان نظر مجلس الانشاء في هذه القضية . ولكن كون بعض الكويتيين يعيشون على صيد الاسماك وبالتالي ستتضرر مصالحهم من قيام شركة تنافسهم ، حال في الماضي دون اتمام المشروع . أما الآن ، فأعتقد ان بإمكاننا انشاء مثل هذه الشركة .

الغانم : اذن ، نحن جميعاً متفقون على وجوب تطور صناعة صيد الاسماك لتصبح مورداً مهماً من موارد الثروة في الكويت . وعلى هذا ننتقل الى بحث السؤال الاخير وهو يتعلق بالصناعة البتروكيماوية .

تعتمد الصناعة البتروكيماوية على النفط والغاز الطبيعي كمادة اولية . وبما ان هذه المادة متوفرة في الكويت بكميات كبيرة ، فهل هناك مشاريع قائمة او قيد الدرس لاقامة صناعات بتروكيماوية مثل صناعة اللدائن ( البلاستك ) والأسمدة الازوتية والمطاط الصناعي والانسجة الصناعية وغيرها من المواد الكيماوية؟ وما هي العقبات والصعوبات التي تعترض سبل انشاء مثل هذه الصناعات ؟ وهل تقوم شركة الغاز الاهلية باستعمال الغاز الطبيعي كمادة أولية في الصناعات البتروكيماوية ، او كوقود لتوليد الكهرباء والحرارة ، أو الاثنين معاً ؟ .

الدلي : الصناعات البتروكيماوية ، برأي ، هي ضمانة المستقبل للكويت . والمجال متسع في هذه الصناعة لاستثمار رؤوس الاموال الكويتية ولايجاد مورد دائم للكويت ، حيث ان النفط كثروة ، معرض للنضوب . والطلب عليه عرضة للتقلب . أما الصناعات البتروكيماوية فهي متعددة الانواع ، واسواقها كبيرة والطلب عليها لا حدود له . غير ان هذه الصناعة تتطلب ، بالاضافة الى رأس مال ، خبرة فنية من نوع يختلف عن الخبرة التي تكلمنا عنها في موضوع الخدمات ، وتتطلب ايجاد الاسواق اللازمة . وهذه الاسواق يمكن الحصول عليها اذا كان انتاجنا أقل كلفة من تكاليف الصناعات المماثلة في البلدان الاخرى .

الغانم : انا أؤيد السيد الدلي في كل ما قاله . فنحن في الكويت نعتمد اعتماداً يكاد يكون كلياً على مورد واحد. وهذا المورد عرضة للتقلب والنضوب . والصناعات البتروكيماوية يجب ان تشد ازر صناعة البترول . فالغاز الذي يكون المادة الاولية والاساسية في هذه الصناعة ، والذي لدينا منه كميات كبيرة ، يحرق ويذهب هباء . فالوقود متوفر بأسعار زهيدة . إنما هناك سؤال يتبادر الى الذهن ، وهو ان الكويت يكون جزءاً من منطقة تنتج النفط على نطاق واسع ، فماذا يحدث اذا ما قامت الكويت بإنشاء صناعة بتروكيماوية ، وقامت بلدان أخرى بإنشاء صناعات مماثلة . فهل سيكون هناك أسواق تستوعب منتجات جميع هذه الصناعات ؟ .

الدلي : يمكن لمشاريع الصناعات البتروكيماوية ان تكون موضوع تعاون بين البلدان العربية ، أي ان تقوم البلدان العربية بدراسة مشتركة للاسواق ، خصوصاً أسواق بلدان الشرق الاقصى التي تستهلك كميات كبيرة من الاسمدة الكيماوية ، ودراسة اخرى لمقدرة كل بلد من البلدان العربية على الانتاج . وتكون الخطوة التالية ان تضع البلدان العربية المنتجة للنفط خطة مشتركة لتوزيع الانتاج وتقاسم الاسواق في ما بينها ، بحيث تصبح البلاد العربية محتكرة للاسواق التي تعمل فيها. فالاحتكار ضرورة لنجاح الصناعات البتروكيماوية وهو ضمانة للاموال المستثمرة .

صهيون : هل من المتوقع ان تقوم شركة البترول الكويتية الوطنية بإنشاء صناعة بتروكيماوية، وهل لديها الرأسمال الكافي لذلك ؟ .

البحر : هناك قيد الدرس فكرة مشروع بانشاء معمل لانتاج المشتقات البتروكيماوية . وهذا المشروع من اختصاص شركة النفط الوطنية . وقد زار الكويت مؤخراً مندوب شركة اجنبية وأجرى مع الجهات المختصة مباحثات حول امكانية قيام هكذا صناعة في الكويت . ولم تزل نتائج المباحثات غير معروفة . أما بالنسبة الى رأس المال فهو متوفرلدى شركة النفط الوطنية . فرأسمال الشركة يبلغ مئة مليون روبية قابلة للزيادة . وبإمكان الشركة الاستدانة بفائدة بسيطة من الحكومة التي هي المساهم الاكبر في الشركة . وعليه، فالامكانيات المالية مضمونة .

الغانم : ظهر من خلال مناقشة موضوع الصناعات البتروكيماوية وغيرها من المشاريع التي جرى بحثها في هذه الندوة ، أن مجالات العمل لاستثمار رؤوس الاموال في الكويت كثيرة ، وان العقبة الرئيسة هي عدم توفر العناصر الفنية والادارية الضرورية . فالسبيل ، إذن ، كما جاء في الاقتراحات التي قدمت اثناء البحث، هو العمل على خلق وعي فني بين أبناء الكويت وتشجيع الفنيين من ابناء البلاد العربية على العمل في الكويت.

بهذا نختتم هذه الندوة ونشكركم على مساهمتكم فيها .