الدكتور السنهوري يقول: توحيد القوانين العربية ضرورة لا غنى عنها

تم التنظيم القضائي في الكويت .

أصبحت الشركات في الكويت تقوم على أسس قانونية صحيحة .

نشر هذا اللقاء في نيسان / ابريل 1961 ، العدد السادس ، الرائد العربي .

الكتور عبد الرزاق السنهوري ، هو أحد كبار المشرعين في البلاد العربية . تولى تدريس الحقوق ردحاً طويلاً من الزمن ، وترأس مجلس الدولة المصري ، وأسهم في حركة التقنين في أكثر من بلد عربي . يتولى اليوم مسؤولية وضع مشاريع القوانين الحديثة التي تصدرها حكومة الكويت . قابله مندوب "الرائد العربي " وأجرى معه حديثاً حول القوانين الكويتية الحديثة ونظام القضاء الكويتي الجديد وتوحيد القوانين العربية . وفي ما يلي نص الحديث .

س . بصفتكم مشرفين على وضع مشاريع القوانين الكويتية الحديثة ، ما هي برأيكم أهم آثار هذه القوانين ؟.

صدرت في الكويت قوانين حديثة عديدة . ولعل أهم قانون كانت حكومة الكويت في أشد الحاجة اليه ، هو قانون الشركات التجارية . فلم يسبق ان تأسست شركات كويتية بمقتضى قانون محدد . ولما صدر قانون الشركات ، أصبحت الشركات التي تؤسس في الكويت تقوم على أسس قانونية صحيحة . وقد يسر هذا القانون للكويت ان تنشيء عدداً كبيراً من الشركات التي لم يكن من السهل إنشاؤها قبل صدور القانون . وقل مثل ذلك بالنسبة لقانون التجارة الذي صدر في أوائل هذا العام . ومما جعل هذه القوانين ذات فائدة كبيرة للكويت ان هناك نظاماً جديداً للقضاء قام على أسس حديثة . فقد استبدل نظام القضاء السابق بقضاء جديد يضاهي احدث النظم القضائية في الجمهورية العربية المتحدة وفي لبنان والعراق ، وأستقدم للمحاكم الجديدة عدد من كبار رجال القضاء في البلاد العربية ، كالجمهورية العربية المتحدة بإقليميها الشمالي والجنوبي (سوريا ومصر) والعراق والاردن ولبنان .

س . هل لكم ان تعطونا فكرة عن تنظيم المحاكم في الكويت ؟ .

يقوم النظام القضائي في الكويت في الوقت الحاضر على درجتين إثنتين : درجة ابتدائية ودرجة إستئنافية . وتتألف الدرجة الابتدائية من اربع دوائر هي :

1 – دائرة الاحوال الشخصية ، وتصدر الاحكام فيها من قاضٍ واحد .

2 – الدائرة المدنية ، وتصدر الاحكام فيها من قاض واحد .

3 – الدائرة التجارية ، وتصدر الاحكام فيها من قاض واحد .

4 – الدائرة الجزائية ، وهي قسمان : قسم يختص بالنظر في الجنح وتصدر الاحكام فيه من قاض واحد ؛ وقسم يختص بالجنايات وتصدر الاحكام فيه من ثلاثة قضاة .

أما الدرجة الاستئنافية فتتألف من محكمة الاستئناف العليا ، حيث تصدر الاحكام من ثلاثة مستشارين .

ولم نر من المناسب إقامة درجة ثالثة للتمييز . فهذه درجة لا تزال الكويت في غير حاجة اليها في الوقت الحاضر . لكن في بعض القضايا المحدودة ، وهي القضايا التي يفصل فيها على مقتضى الشرع الاسلامي ، فأمكن الابقاء على تقليد قديم في الكويت حيث يطبق المميز الرسمي ، وهو عالم جليل من علماء الكويت ، نظام المميز الرسمي الذي يستند الى الشرع الشريف .

س . ما رأيكم في فكرة توحيد القوانين بين البلدان العربية ؟.

إن توحيد القوانين بين البلدان العربية أمر ضروري . وانا كنت ولا أزال من الداعين الى ذلك . غير ان الرغبة في توحيد القوانين بين جميع البلدان العربي هي ، في إعتقادي ، رغبة سابقة لأوانها . والأفضل أن نعالج توحيد القوانين في نطاق ضيق كقانون التجارة وقانون الشركات . والزمن كفيل بتقريب قوانين البلدان العربية بعضها من بعض حتى اذا واتت الفرصة المناسبة ، أمكن النظر في توحيد قوانين أخرى غير قانوني التجارة والشركات .

المهم ان تكون قوانين البلاد العربية قائمة على أسس واحدة او متقاربة . أما أن تكون مطابقة بعضها للبعض مطابقة تامة في تفصيلها ، فهذا أمر غير ممكن في الوقت الحاضر وغير مرغوب فيه . وخذ مثل الولايات المتحدة الاميركية . فهي بلد واحد ومع ذلك تختلف قوانين الولايات بعضها من بعض .

أنا لا أعني مما قلته ان تقف حركة التوحيد ، بل يجب ان تستمر . لكن يحسن ان لا نتعجل الامور ونقوم بتوحيد لم يأت أوانه ، لأن ذلك يقتضي تقارباً بين البلاد التي يراد توحيد قوانينها . وهذا التقارب لا يأتي درجة واحدة ، بل لا بد من ان يجتاز مراحل عديدة .

س . أي التشريعات في البلاد العربية تتقارب مع بعضها البعض أكثر من غيرها ؟ .

أهم قوانين البلاد العربية التي تتقارب أحكامها هو قانون التجارة وهو قابل للتوحيد منذ الآن ، لا سيما في موضوع الاوراق التجارية ، حيث تعتمد كل البلدان العربية نموذجاً موحداً ، هو تشريعات جنيف المعروفة .

أما القانون المدني ، فقد أصبح متقارباً وقابلاً للتوحيد في البلدان التي أخذت عن التقنين المدني المصري ، كالعراق وليبيا والاقليم الشمالي من الجمهورية العربية المتحدة ( سوريا ) .