عبد العزيز البحر يؤكد استعداد الكويت لمساعدة الجزائر

 

الصندوق الكويتي للتنمية يرحب بالخبراء العرب 

نشر اللقاء في ايلول / سبتمبر 1962 ، العدد الثالث والعشرون ، الرائد العربي  

يعتبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية من المؤسسات الرسمية المهمة التي تؤدي دوراً كبيراً في إقامة جسور التعاون المتين بين الكويت والاقطار العربية . وقد سبق لمجلة الرائد العربي ان اشارت اكثر من مرة الى هذه المؤسسة وأبرزت أهدافها التي تتلخص بمد البلدان العربية بالقروض المالية اللازمة لتمويل برامج التنمية الاقتصادية وخلق مناخ اقتصادي عربي متكامل على أسس علمية ثابتة تدفع بعجلة التطور الانمائي في البلاد العربية الى الامام . وقد قام مندوب مجلة الرائد العربي باجراء مقابلة مع مدير ادارة الصندوق السيد عبد العزيز البحر ووجه اليه عدداً من الاسئلة حول اوضاع هذه المؤسسة المالية الكبرى ونشاطاتها ومنجزاتها ، فكان الحوار التالي :  

ماذا حقق الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية من اهدافه وغاياته حتى الآن ، وما الذي ينتظر تحقيقه في المستقبل القريب ؟ . 

تأسس الصندوق الكويتي للتنمية في شهر مارس / اذار من هذا العام ( 1962 ) ، مما يجعل عمره أقل من خمسة أشهر . وعلى الرغم من هذا العمر القصير تمكن الصندوق من عقد اتفاقيتي قرض مع كل من الجمهورية السودانية والمملكة الاردنية الهاشمية ، لمد الاولى بمبلغ سبعة ملايين دينار كويتي لتمويل المرحلة الاولى من مشروع تحسين سكك الحديد السودانية ، لما لهذا المشروع من أهمية قصوى على برامج التنمية الاقتصادية في ذلك البلد الشقيق ، ولما له من أهمية في تفعيل النمو الاقتصادي السوداني . اما الاتفاقية الثانية ، فقد نصت على ان يقدم الصندوق سبعة ملايين وخمسمئة الف دينار كويتي لتمويل ثلاثة مشاريع اساسية  في المملكة الاردنية هي :  

1 – مشروع اليرموك الذي له أهمية قومية واستراتيجية قصوى لعلاقته بنوايا اسرائيل العدوانية في تحويل نهر الاردن ، ذلك المصدر العربي الحيوي .

2 – مشروع الفوسفات ، للتوسع في تصدير هذه المادة .

3 – تمويل مشاريع صناعية صغيرة عديدة عن طريق مؤسسة الانماء الصناعي . وهذه المشاريع تنتج حاجيات للاستهلاك المحلي وللتصدير .  

اما ما ينتظر الصندوق القيام به من اعمال في القريب العاجل ، فهو المساهمة في توفير القطع الاجنبي للمشاريع الانمائية في البلدان العربية الاخرى . 

هل تفكرون بمنح الجزائر قرضاً طويل الاجل في حال تقدمت الجزائر بطلب قرض مالي من الصندوق ؟ . 

مما لا شك فيه ان الجزائر تحتاج الى الكثير من العملات الاجنبية لبناء ما هدمته السنوات السبع الماضية ولتحقيق اهداف ثورة الجزائر المجيدة . ولما كانت الكويت حريصة دائماً على مد الجزائر بالمعونة الضرورية في كل مجال ، فمما لا شك فيه ، ان الصندوق سيرحب بمدهذا البلد العربي المقاوم بالقروض اللازمة ضمن نظامه الخاص ، باعتبار ان الجزائر هي احدى الدول العربية التي من أجلها تأسس الصندوق ، وكجزء بسيط فقط من المعونة التي تقدمها الكويت لجمهورية الجزائر البطلة . 

ما هي الشروط التي تضعونها لمنح البلدان العربية قروضاً ، وهل هي كشروط البنك الدولي ام انها شروط تتناسب مع أهداف الصندوق والوضع الاقتصادي العربي العام ؟ .  

إن من أهم أعمال الصندوق الكويتي مد البلدان العربية بالقطع الاجنبي اللازم لبرامج التنمية وبفائدة تقل عن الفائدة المستحصلة على قروض مماثلة من الاسواق الخارجية والهيئتات المالية الاخرى . كما ان شروط الصندوق التي تماثل شروط البنك الدولي الى درجة معينة ، وضعت لتتناسب مع الوضع الاقتصادي العربي . وعليه ، فهي أكثر مرونة وهدفها الاساسي هو بناء مؤسسة مالية قوية قادرة على توفير رؤوس الاموال اللازمة لبرامج التنمية العربية . لذلك وضعت الشروط بشكل تمكن الصندوق من القيام بواجبه القومي هذا على أفضل وجه ، وبدون شروط قاسية ومجحفة تفرض فرضاً على المقترض .  

هل يكفي رأس مال الصندوق للمساهمة الفعالة في تمويل التنمية الاقتصادية في البلاد العربية ام انكم تفكرون، على ضوء تجربة الصندوق القصيرة ، بزيادة رأس المال لتحقيق ما تطمحون اليه ؟ . 

مما لاشك فيه ان البلدان العربية بحاجة ماسة لمبالغ ضخمة جداً كي تستطيع تنفيذ كل برامجها التنموية . ولما كان رأس مال الصندوق الكويتي الاساسي هو خمسين مليون دينار كويتي فقط ، لذلك نرى ان هذا المبلغ ليس كافياً للقيام بالمهمة . وحتى ولو حاولت اي دولة توفير كل متطلبات الدول العربية لتنفيذ برامجها لما قدرت مهما عظمت امكاناتها المالية . وفي حالة مثل هذه يجب النظر الى الامكانات الموجودة والى المتطلبات ثم تحديد نسبة معينة تصلح ان تكون اساساً مقبولاً لمواجهة حالات مثل التي نواجهها الآن . والصندوق الكويتي لن يستطيع وحده ان يوفر كل المتطلبات برأسماله الحالي ، انما يحق له ، حسبما جاء في قانونه الاساسي ، الاقتراض بحدود ضعفي رأس ماله زائد الاحتياطي . عندها تكون مقدرته المالية تساوي اكثر من 150 مليون دينار كويتي . وهذا المبلغ يسهل مهمة الصندوق في توفير رؤوس الاموال اللازمة لتمويل بعض برامج التنمية، والتي بدورها تخلق الفرص الافضل لتنشيط النمو الاقتصادي العربي . 

هل ستستعينون بخبراء دوليين ام انكم تفضلون الاستعانة بالخبراء العرب ؟ . 

الصندوق مؤسسة عربية مهمتها مساعدة الدول العربية بدافع قومي بحت . وعليه ، اننا نطمح ان تكون كل اجهزة الصندوق عربية بقدر الامكان . انما من المعروف ان الخبرات التي تتطلبها عمليات الصندوق نادرة جداً، لا في البلاد العربية فحسب ، بل في بلدان العالم كافة . وعندما نجد تلك الخبرات يكون من الصعب جذبها للعمل في غير البلدان التي تنتمي اليها بسبب حاجة بلدانها اليها . والصندوق الكويتي يبذل الآن كل جهده لايجاد الخبراء العرب ، بحكم علاقته بالمشاريع العربية ،  اللازمين لعملياته . لكنه لن يتردد ابداً في الاستعانة بالخبرات الدولية من اجل ان يتمكن من ادخال عناصر حيوية في الدراسات الاقتصادية العربية وللاستفادة من تجارب البلدان الاخرى ، وأخصها البلدان المتقدمة . فالتنمية الاقتصادية عملية لها طابعها الدولي ، إذ ان كل دولة تعمل على الاستفادة من تجارب غيرها من الدول ، وتحاول تفادي الاخطاء التي ارتكبت في ما جرى ، عندنا وعند سوانا ،عند وضع المخططات الاقتصادية المختلفة .  

ما هي علاقة الصندوق الكويتي بالبنك الدولي ؟ وما هو نوع المباحثات التي اجريت مع خبراء البنك الدولي الذين زاروا الكويت حديثاً للاتصال مع المسؤولين في الصندوق ؟ .     

لا شك ان لدى البنك الدولي من الخبرة الواسعة والتجارب التي لم تتوفر في أي مؤسسة مماثلة في العالم . ويمكننا متى وثقنا علاقتنا مع البنك الدولي ان نستفيد من خبرته الواسعة وان نتفادى الاخطاء التي مر بها هو نفسه خلال السنوات السبع عشرة الماضية . اما الخبراء الدوليون الذين زاروا الصندوق الكويتي في اوائل شهر آب / اغسطس الماضي ، فقد حضروا بناء على دعوة الصندوق للافادة من مشورتهم في تنظيم عملياته وفي وضع اسس عمله لكي يتمكن الصندوق من تحقيق أهدافه على أفضل وضع مستطاع ، ولكي يثبت وجوده في المجال المالي الدولي حتى تتعرف اليه المؤسسات المالية العالمية . 

هل تقتصرون على تمويل المشاريع الحكومية في البلاد العربية فقط ، أم انكم تمولون المشاريع الخاصة ايضاً؟ . 

ينص قانون الصندوق الاساسي على تمويل المشاريع الحكومية فقط ، لأن المشاريع الخاصة تستطيع ان تحصل على الاموال التي تحتاج اليها من مصادر مختلفة . والهدف من وراء حصر تعاملنا مع الحكومات ان يقوم الصندوق بمساعدة هذه الحكومات العربية في تطوير مشاريعها وتنميتها . وهذا ما يساعد في رفع المستوى المعيشي لاكبر عدد ممكن من المواطنين العرب ، ويترك في المجال لسواه من المؤسسات المالية ان تسهم هي الاخرى في تمويل المشاريع الخاصة.  

 ما هي انواع المساعدات والتقديمات التي يطلع بها الصندوق بالنسبة للدول المقترضة ، وما أثر ذلك على الاقتصاد العربي ككل ؟ . 

يقدم الصندوق الكويتي القطع الاجنبي اللازم لتمويل المشاريع العربية بصفة قروض طويلة الامد وبفوائد ضئيلة. هذا هو العمل الاساس الذي يقوم به الصندوق . وبالاضافة الى ذلك ينوي الصندوق القيام بدراسات شاملة للاقتصاد العربي بواسطة خبرائه ، ثم يقوم بنشرها ليفيد المخطط العربي العام وليعرّف العالم بالوضع الحقيقي للاقتصاد العربي ككل . ومما لا شك فيه ان قيام الصندوق بمد الدول الشقيقة بالدراسات وبالاموال اللازمة لتحقيق النمو الاقتصادي ، الذي هو ضرورة حيوية للبلاد العربية ، له أثر عظيم في دفع عجلة التقدم في الوطن العربي ككل .