خان مراد باشا

يقع خان مراد باشا في الشطر الشرقي لمدينة معرة النعمان السورية بوسط شارع أبي العلاء، ويجاوره من الجنوب خان أسعد باشا العظم حيث يفصل بينهما حديقة بسيطة يتقدمها تمثال نصفي لأبي العلاء ومن جهاته الأخرى عدة دوائر رسمية.

تتقاطع خطوط التاريخ لتنتج بناءً رائعاً يعتبر درة معمارية في تاج الحضارة العربية. ويتميز هذا المبنى بالشموخ والعمق التاريخي لمدينة المعرة التي تساير التاريخ منذ نشوئه. بنى هذه المنشأة مراد جلبي أمين الخزائن السلطانية وذلك بُعيد دخول العثمانيين إلى سورية وذلك عام /974هـ - 1595م/. وكانت الغاية من المبنى هو محطة استراحة وفندق وتكية إطعام للمسافرين وأبناء السبيل وغيرهم كما ورد في النص الوقفي الذي يعلو قنطرة المدخل الرئيسي للخان والنص هو : (قد بنى هذه الواحة لوجه الله تعالى حامي الدفاتر الديوان السلطانية مراد جلبي فغني منع فقير أو دوابة شتى فعليه لعنة الله والملائكة والناس بطرق شتى سنة / 974 هـ /). والمبنى بمجموعه محكم الصنع ومتقن للغاية حتى ليحسبه الرائي من حجر واحدة وكأن بانيه قد فرغ من بنائه لتوّه ولكي يسلم هذا المشروع العمراني الخيري ويقوم للغاية المنشأ لأجلها. فقد أوقف الباني عليه المباني العديدة والإنشاءات المائية كأوقاف واسعة له ودارّة عليه تفي بنفقاته وتفيض ألا وهي ثماينة عشر زورا(بستاناً) واثنتين وعشرون طاحونة مائية بحوض العاصي وخمس وثلاثون ناعورة للسقاية، ومزرعة الفرزل (الحراكي) شرقي المعرة وخاناً كبيراً هو خان السبل على طريق حماه – حلب.

يتألف البناء من أربعة أجنحة مصلبة القف تعلو سطوحها أبراج المصطليات وتتقدمها الأروقة الرشيقة بأقواسها المدببة وقناطرها المرتفعة وسقوفها المعقودة. ويبلغ طول الواجهة الرئيسية للخان /70م/ وبعمق /80م/ ويرتفع نحو سبعة أمتار وقد شيّد من حجارة كلسية كبيرة الحجم منحوتة ويبلغ عرض الجناح خمسة عر متراً ويفصل بين كل جناحين معبر يؤدي إلى مرافق خدمية يضم أربع غرف متقابلة ماعدا المعبر الشمالي الذي يؤدي إلى دورة المياه. وتتحلق الأروقة حول باحة سماوية مكشوفة واسعة الأرجاء يتوسطها بناء التكية ويحوي بداخلها فسيقة ماء ويقوم بناؤها على أعمدة أسطوانية وأقواس مدببة وسقفها يضم قبة مستطيلة ويتقدم التكية من الجنوب بناء المسجد وله قبة نصف كروية أما المرافق الخدمية التابعة لبناء الخان فهي سوق تجارية واقتصادية مؤلفة من ستة مخازن متقابلة وحمام التكية بطرازها المعروف (البراني والوسطاني والجواني) وغرفة القمين وهذه المرافق تلاصق بناء الخان من الجهة الغربية وشمالي الحمام يوجد الفرن ومستودعات للغلال وغرفة مدار لتوزيع الماء بواسطة حلاقيم فخارية متصلة من البئر إلى خزان أرضي بجانب المسجد من الغرب. ويتربع مبنى الخان مع ملحقاته على مساحة من الأرض قدرها سبعة دونمات.

بقي خان باشا مستمراً للغاية المنشأ من أجلها حتى أوائل القرن العشرين حيث بعثرت أوقاف هذا الخان وضعفت وارداته فضم إلى أوقاف الجامع الكبير في المعرة بناء على وصية الواقف، المحفوظة في متحف المعرة والتي يعود تاريخها إلى عام 1321هـ وبدأ بتأجيره كأقسام لغايات مختلفة الأمر الذي أضر بالمبنى وأضعف عناصره الإنشائية نتيجة الإهمال الذي لحقة من المستأجرين فسارعت وزارة الثقافة (المديرية العامة للآثار والمتاحف) باستصدار المرسوم الجمهوري رقم 144 لعام 1982 الذي يقضي بترميم هذه الآبدة ومن ثم تحويلها إلى متحف محلي. وفعلاً بدأت ورشات الترميم عملها في مطلع عام 1983 ودشن كمتحف في نيسان عام 1987 وكاد أن يكون مختصاً لعرض اللوحات الفسيفسائية المكتشفة في منطقة المعرة وما حولها لولا عرض بعض القطع الأثرية ضمن خزائن زجاجية.