دير درمالس

يقع هذا الدير في منقطة شرقي بغداد (باب الشماسية) وهو من أقدم أديرة بغداد، وقد بني على اسم قديس مشرقي استشهد في 13/ 10/ 341 م ويدعى ( أميليس ) وهو أسقف (شوشان). وقد كان هذا الدير اهلاً بقساوسته وأهله ويقع في منطقة كثيرة البساتين والحقول والأعناب والفواكه وقد خرب هذا الدير ولم يبق له أثر في يومنا هذا .

ويقال ان الذي بناه هو (احمد بن بويه) ويقع في منطقة (الشماسية) التي سميت (بالدار المعزّية) نسبة إلى صاحبها ( معز الدولة البويهي) المتوفى سنة 967م ويقام فيه عيد الصوم الكبير لمدة خمسين يوما تنتهي بالعيد الكبير للنصارى ويجتمعون فيه من كل أطراف بغداد لإقامة شعائرهم.

ورد في كتاب "الديارات" لأبي الحسن علي بن محمد الشابشتي:

" هذا الدير في رقة باب الشماسية ببغداد، قرب الدار التي بناها الديلمي أحمد بن بويه، بباب الشماسية. وموقعه أحسن موقع. وهو نزه كثير البساتين والأشجار. وبقربه أجمة قصب. وهو كبير، آهل برهبانه وقسانه والمتبتلين فيه. وهو من البقاع المعمورة بالقصف، والمقصود بالتنزه والشرب.

وأعياد النصارى ببغداد، مقسومة على ديارات معروفة، منها أعياد الصوم: فالأحد الأول منه: عيد دير العاصية، وهو على ميل من سمالو.
والأحد الثاني: دير الزريقية.

والأحد الثالث: دير الزندورد.

والأحد الرابع: دير درمالس هذا. وعيده أحسن عيد، يجتمع نصارى بغداد إليه، ولا يبقى أحد ممن يحب اللهو والخلاعة إلا تبعهم. ويقيم الناس فيه الأيام، ويطرقونه في غير الأعياد.

ولأبي عبد الله بن حمدون النديم، فيه:

يا دير درمالس ما أحسـنـك ويا غزال الدير ما أفتـنـك

لئن سكنت الـدير يا سـيدي فإنّ في جوف الحشا مسكنك

ويحك يا قلب، أما تنتـهـي عن شدة الوجد بمن أحزنك

ارفق به، باللّـه، يا سـيدي فإنه من حينـه مـكّـنـك

وكان من خبر هذا الشعر، ما ذكره أحمد بن خالد الصريفيني، قال: كنا عند أبي عبد الله بن حمدون، في الوقت الذي نفاه فيه المتوكل. فتذاكرنا الديارات، وطيبها وحسنها في الأعياد، واجتماع الناس بها. فقال: قد، والله، شهيتني لحضور هذه المواضع، والتفرج فيها، والتسلي بها، فأي دير منها قد حضر عيده ؟ قلت: دير درمالس، وغداً عيده ! قال: فعلى بركة الله. فأعددت جميع ما يحتاج إليه ويصلح لمثله، وبكرنا إلى الدير، ونظرنا إلى اجتماع الناس وتعييدهم. وانصرف من انصرف، وأقمت معه في الدير ذلك اليوم ومن غده. وجلسنا منه مجلساً يشرف على تلك البساتين والمزارع. فشرب، وطابت نفسه وطرب، وحضره من أحداث الموضع من كان يقضي لنا الحاجة ويجيئنا بالطرفة والتحية. فشغف بهم، واستطاب وقته معهم، وقال الأبيات المتقدمة.