مسجد الرفاعي

يقع هذا المسجد القاهري فى مواجهة مسجد السلطان حسن على يسار الصاعد إلى القلعة، فى مكان كانت تشغل جزءا منه زاوية الرفاعى. وفى سنة 1869م أمرت الأميرة خوشيار والدة الخديوي إسماعيل بهدم هذه الزاوية والأبنية المجاورة لها بعد أن اشترتها لإقامة مسجد كبير مكانها يلحق به مدفن لها ولسلالتها وضريحان للشيخ علي أبي شباك الرفاعي والشيخ عبد الله الأنصاري ممن كانوا مدفونين بالزاوية المذكورة. فقام حسين باشا فهمى المعمار وكيل ديوان الأوقاف فى ذلك الوقت بوضع تصميم المسجد، وأشرف على التنفيذ خليل أغا. واستمر العمل حتى ارتفع البناء نحو مترين عن سطح الأرض ثم أوقف عندما رؤي إدخال بعض تعديلات على التصميم.

فى سنة 1885م توفيت الأميرة خوشيار ودفنت فى ضريحها الواقع بالجزء البحري للمسجد. وعندما توفي الخديوي إسماعيل دفن مع والدته. وفى سنة 1905 عهد الخديوي عباس الثانى إلى هرتس باشا باش مهندس للجنة حفظ الآثار العربية وقتئذ بتكملة المسجد، فاتبع تصميم حسين باشا المعمار على قدر المستطاع وأبقى على فكرته الأصلية وهى إنشاء بناء ضخم يتناسب مع ضخامة مسجد السلطان حسن. أما أعمال الزخرفة فقام بتصميمها هرتس باشا واستمر العمل فيه إلى أن تم بناء المسجد فى آخر سنة 1911م.

وجهات المسجد شاهقة مرتفعة تحليها صفف عقودها محمولة على أعمدة وتتوجها شرفات مورقة. وقد روعي فى تصميم الوجهات التماثل التام على عكس المساجد المملوكية التى كان أغلبها يبنى بدون أن يقيم مهندسوها وزنا للتماثل بين أجزاء وجهاتها. ولهذا المسجد ثلاثة مداخل أحدها الواقع فى منتصف الوجهة الغربية - الباب الملكي- وهو مدخل مرتفع تكتنفه أعمدة وتغطيه قبة ذات مقرنصات جميلة ويكسو جوانبه وأعتابه رخام مختلف الألوان. والمدخلان الآخران يقعان فى الوجهة القبلية ويكتنفها برجان أقيم عليهما مئذنتان بنيتا على طراز المآذن المملوكية.

بني هذا المسجد على رقعة مستطيلة من الأرض خصص الجزء الأوسط منها للصلاة وخصص الجزء الباقي للمداخل والمدافن وملحقاتها. والقسم المخصص للصلاة عبارة عن مربع تغطيه قبة ذات مقرنصات جميلة محمولة على أربعة عقود مرتكزة على أربعة أكتاف بأركان كل منها أربعة أعمدة رخامية تيجانها منقوشة ومذهّبة. ويحيط بهذه القبة ويغطي باقي مسطح المسجد أسقف خشبية حلّيت بنقوش مذهبة جميلة كما حلّيت بواطن العقود بزخارف منوعة. وكسيت الحوائط والأكتاف بالألبستر والرخام المختلف الألوان المحلى بزخارف عربية بديعة. وبوسط الجدار الشرقى محراب كبير كسي بالرخام الملون الدقيق، وإلى جانبه منبر خشبي دقيق الصنع طعّمت حشواته بالسن والأبنوس، ونقشت مقرنصات بابه وخوذته بالنقوش المذهبة.